(فَبَعَثَ بِهَا إِلَيَّ، فَلَبِسْتُهَا) وفي رواية زيد بن وهب عن عليٍّ - رضي الله عنه - عند البخاريّ:"فخرجت بها"، (فَعَرَفْتُ) وفي رواية زيد المذكورة: "فرأيت"(الْغَضَبَ فِي وَجْهِهِ) - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: لكونه ارتكب إثمًا، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ بِهَا إِلَيْكَ لِتَلْبَسَهَا) وفي رواية النسائيّ: "أَمَا إِنِّي لَمْ أُعْطِكَهَا لِتَلْبَسَهَا"، (إِنَّمَا بَعَثْتُ بِهَا إِلَيْكَ لِتُشَقِّقَهَا خُمُرًا بَيْنَ النِّسَاءِ") وفي الرواية الآتية: "فأمرني، فأطرتها بين نسائي"، وفي رواية:"فقال: شقّقه خُمُرًا بين الفواطم".
ومعنى قوله:"فَأَطَرْتُهَا بَيْنَ نِسَائِي"؛ أي: فرّقتها بينهنّ، وقسّمتها فيهنّ، وقيل: الهمزة أصليّة. قاله في "النهاية" في باب الطاء (٣/ ١٥٢)، وقال في باب الهمزة (١/ ٥٤): "فأطرتها بين نسائي"؛ أي: شققتها، وقسمتها بينهنّ. وقيل: هو من قولهم: طار له في القسمة كذا؛ أي: وقع في حصّته، فيكون من باب الطاء، لا من الهمزة. انتهى.
وفي رواية البخاريّ:"فشققتها بين نسائي"؛ أي: قطعتها، ففرّقتها عليهنّ خُمُرًا، والخُمُر - بضم المعجمة، والميم -: جمع خمار - بكسر أوله، والتخفيف -: ما تغطي به المرأة رأسها، والمراد بقوله:"نسائي": ما فسَّره في الرواية الآتية، حيث قال:"بين الفواطم"، ووقع في رواية النسائيّ:"فرجعت إلى فاطمة، فشققتها، فقالت: ماذا جئت به؟ قلت: نهاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لُبسها، فالْبسيها، واكْسِي نساءك". وفي هذه الرواية أن عليًّا إنما شققها بإذن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
قال أبو محمد بن قتيبة: المراد بالفواطم: فاطمة بنت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفاطمة بنت أسد بن هاشم، والدة عليّ، ولا أعرف الثالثة. وذكر أبو منصور الأزهريّ: أنها فاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب.
وقد أخرج الطحاوي، وبن أبي الدنيا، في كتاب "الهدايا"، وعبد الغنيّ بن سعيد في "المبهمات"، وابن عبد البرّ كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد، عن أبي فاختة، عن هُبيرة بن يَرِيم - بتحتانية أوله، ثم راء، وزن عظيم - عن عليّ في نحو هذه القصة، قال:"فشققت منها أربعة أخمرة"، فذكر الثلاث المذكورات، قال: ونسي يزيد الرابعة.
وفي رواية الطحاويّ: "خمارًا لفاطمة بنت أسد بن هاشم، أم علي،