وسكون الموحّدة، و"طُولَ" منصوب على أنه مفعول مطلق لـ"لَبْثت"(يُوسُفَ؛ لَأَجَبْتُ الدَّاعِيِ) أي: لأسرعت الإجابة في الخروج من السجن، ولَمَا قَدَّمتُ طلب البراءة، فوصفه بشدة الصبر، حيث لم يبادر بالخروج، وإنما قاله - صلى الله عليه وسلم - تواضعًا، والتواضع لا يَحُطُّ مرتبة الكبير، بل يزيده رِفْعَةً وجلالًا.
وقيل: هو من جنس قوله: "لا تُفَضِّلوني على يونس"، وقد قيل: إنه قاله قبل أن يَعْلَم أنه أفضل من الجميع (١).
وقال النوويّ - رحمه الله -: وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولو لبثتُ في السجن … " إلخ فهو ثناء على يوسف - عليه السلام -، وبيان لصبره، وتأنِّيه، والمراد بالداعي: رسول الملِكِ الذي أخبر الله - سبحانة وتعالي - أنه قال: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (٥٠)} [يوسف: ٥٠]، فلم يَخرج يوسف - عليه السلام - مبادرًا إلى الراحة، ومفارقةً للسجن الطويل، بل تثبّت، وتوقّر، وراسل الملك في كشف أمره الذي سُجِن بسببه، ولتَظْهَر براءته عند الملك وغيره، ويلقاه مع اعتقاده براءته مما نسب إليه، ولا خَجَلَ من يوسف ولا غيره، فبَيَّن نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم - فضيلةَ يوسفَ؛ في هذا، وقُوَّة نفسه في الخير، وكمال صبره، وحسن نظره، وقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه، ما قاله تواضعًا، وإيثارًا للإبلاغ في بيان كمال فضيلة يوسف - عليه السلام -، والله تعالى أعلم. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٧٣/ ٣٨٩ و ٣٩٠ و ٣٩١](١٥١)، وفي "الفضائل"(١٥١)، و (البخاريّ) في "أحاديث الأنبياء"(٣٣٧٢ و ٣٣٨٧)، و"التفسير"(٤٥٣٧ و ٤٦٩٤)، و"التعبير"(٦٩٩٢)، و (ابن ماجه) في "الفتن"(٤٠٢٦)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٢٢ - ٣٢٦ - ٣٥٠)، و (النسائيّ) في