للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"قال لوطٌ: {لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ} [هود: ٨٠] قال: فإنه كان يأوي إلى ركن شديدٍ، ولكنه عَنَى عشيرته، فما بَعَثَ الله نبيًّا إلا في ذِرْوَة من قومه"، زاد ابن مردويه، من هذا الوجه: "ألم تر إلى قول قوم شعيب: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} [هود: ٩١]؟ ".

وقيل: معنى قوله: "لقد كان يأوي إلى ركن شديد" أي: إلى عشيرته، لكنه لم يأوِ إليهم، وأوى إلى الله. انتهى.

قال الحافظ - رحمه الله -: والأول أظهر؛ لما بيّناه، وقال النووي - رحمه الله -: يجوز أنه لَمّا اندَهَشَ بحال الأضياف، قال ذلك، أو أنه التجأ إلى الله في باطنه، وأظهر هذا القول للأضياف؛ اعتذارًا، وَسُمّيَت العشيرةُ ركنًا؟؛ لأن الركن يُستَنَد إليه، ويُمْتَنَع به، فشبّههم بالركن من الجبل؛ لشدّتهم، ومنْعَتهم.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله النوويّ - رحمه الله - أقرب التوجيهات لهذه الآية الكريمة.

وحاصله أن لوطًا؛ قال هذا الكلام من باب إظهار العذر لأضيافه في عدم معاقبة قومه لَمّا أرادوا بهم سوءًا، فهو في الحقيقة آوٍ إلى ربه في كلّ حال، ولكنه أراد إظهار ضعف مقاومته لقومه لَمّا أرادوا الاعتداء على أضيافه؛ لعدم عشيرته الذين يستنصر بهم عادةً إذا نابه مثل هذا الاعتداء، فأظهر للأضياف ذلك العذر حتى يَعذِرُوه، والله تعالى أعلم بالصواب.

(ولو لبثت) بكسر الموحّدة، يقال: لَبِث بالمكان لَبَثًا، من باب تَعِبَ، وجاء في المصدر السكون للتخفيف، واللَّبْثَةُ بالفتح: المرّة، وبالكسر: الهيئة والنوع، والاسمُ: اللُّبْثُ بالضمّ، واللَّبَاثُ بالفتح، وتَلَبَّثَ بمعناه، وَيتَعَدَّى بالهمز والتضعيف، فيقال: ألبثته، ولَبَّثته، قاله الفيّوميّ (١). (فِي السِّجْنِ) - بكسر، فسكون - أي: الحبس، والجمع سُجُون، مثلُ حِمْلٍ وحُمُول، قاله الفيّوميّ (٢)، ويحتمل أن يكون المراد به مكان الحبس، قال المجد: "السِّجْنُ" بالكسر: المَحْبِسُ. انتهى (٣). (طُولَ لَبْثِ) بفتحتين، أو بفتح اللام، وضمّها،


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٤٧ - ٥٤٨.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٧.
(٣) "القاموس المحيط " ص ١٠٨٥.