للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المصبوغ بالصفرة؛ لِمَا ذُكر من أن ذلك جائز بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - المتّفق عليه، فتبصّر.

٢ - (ومنها): أن في حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عند أحمد، وأبي داود الآتي (١) دليلًا على جواز لبس المعصفر للنساء.

٣ - (ومنها): أنه احتَجّ به من يرى جواز المعاقبة بالمال، ولكن الراجح عدم جوازه إلا فيما ورد به النصّ، وقد تقدّم تمام البحث فيه في "كتاب الزكاة"، فارجع إليه تستفد. والله تعالى وليّ التوفيق.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في لبس المعصفر:

قال أبو العبّاس القرطبيّ - رحمه الله -: وقد اختَلف العلماء في جواز لبس المعصفر، فرُوي كراهته عن ابن عمر، وأجازه جماعة من الصحابة، والتابعين، والفقهاء، وهو قول مالك، والشافعيّ، وكره ما اشتدّت حمرته: عطاء، وطاوس، وأباحا ما خفّ منها، وفرّق بعضهم بين أن يُمتهن، فيجوز، أو يُلبس، فيُكره، وهو قول ابن عبّاس، والطبريّ، وكره بعض أهل العلم جميع ألوان الحمرة، وقد صحّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه لبس حلّة حمراء، وقد لبس النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما صُبغ بالصفرة على ما جاء عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، فلا وجه لكراهة الحمرة مطلقًا، وإنما المكروه للرجال المعصفر، والمزعفر؛ لنهي النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك للرجال. وكره المعصفر بعض أهل العلم مطلقًا، وأجازه مالكٌ تمسّكًا بحديث ابن عمر المتقدّم. وقد حمل بعضهم النهي على الْمُحْرِم. قال القرطبيّ: وهذا فيه بُعدٌ؛ لأن النساء والرجال ممنوعون من التطيّب في الإحرام، فلا معنى لتخصيصه بالرجال، وإنما علّة الكراهة في ذلك أنه صِبغ النساء، وطِيب النساء، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "طيب الرجال ما ظهر ريحه، وخَفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه، وخفي ريحه" (٢). والله تعالى أعلم. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (٣).


(١) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا كسوتها بعض أهلك، فإنه لا بأس به للنساء"، وسيأتي في شرح الحديث الثالث - إن شاء الله تعالى -.
(٢) حديث صحيحٌ، أخرجه النسائيّ (٥١١٩)، والترمذيّ (٢٧٨٨).
(٣) "المفهم" ٦/ ٣٩٩ - ٤٠٠.