للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أولًا بإحراقهما ندبًا، ثم لمّا أحرقهما قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "لو كسوتهما بعض أهلك"، إعلامًا له بأن هذا كان كافيًا لو فعله، وأن الأمر للندب.

قال الشوكانيّ - رحمه الله -: ولا يخفى ما في هذا من التكلف الذي عنه مندوحة؛ لأن القضية لم تكن واحدة، حتى يُجمع بين الروايتين بمثل هذا، بل هما قضيتان مختلفتان، وغايته أنه في إحدى القضيتين غَلّظ عليه، وعاقبه، فأَمَره بإحراقهما، ولعل هذه المرة التي أمره فيها بالإحراق، كانت بعد تلك المرة التي أخبره فيها بأن ذلك غير واجب، وهذا وإن كان بعيدًا من جهة أن صاحب القصة يبعد أن يقع منه اللبس للمعصفر مرة أخرى، بعد أن سمع فيه ما سمع في المرة الأُولى، ولكنه دون البعد الذي في الجمع الأول؛ لأن احتمال النسيان، وكذا احتمال عُروض شبهة، توجب الظنّ بعدم التحريم، ولا سيما وقد وقعت منه المعاتبة على الإحراق. قال القاضي عياض: أَمرُه بإحراقهما من باب التغليظ والعقوبة. انتهى كلام الشوكانيّ - رحمه الله - (١)، وهو تحقيقٌ جيّدٌ، والله تعالى أعلم.

وبالسند المتصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:

[٥٤٢٦] (٢٠٧٨) - (حَدَّثنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنْ لُبْسِ الْقَسِّيّ، وَالْمُعَصْفَر، وَعَنْ تَخَتُّمِ الذَّهَب، وَعَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ).

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ حُنَيْنٍ) الهاشميّ مولاهم، أبو إسحاق المدنيّ، ثقةٌ [٣] مات بعد المائة (ع) تقدم في "الصلاة" ٤٢/ ١٠٨١.

٢ - (أَبُوهُ) عبد الله بن حُنين الهاشميّ مولاهم المدنيّ، ثقةٌ [٣] مات في أول خلافة يزيد بن عبد الملك في أول المائة الثانية (ع) تقدم في "الصلاة" ٤٢/ ١٠٨١.

والباقون ذُكروا قبل باب.


(١) "نيل الأوطار" ٢/ ١٨٢ - ١٨٣.