للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القارئ: لعل وجه بعض السلف في المخالفة عدم بلوغهم الحديث المقتضي للمتابعة. انتهى (١).

(فَصَنَعَ النَّاسُ)؛ أي: خواتم الذهب؛ اقتداء به - صلى الله عليه وسلم -، وفي رواية البخاريّ: "فاتخذ الناس مثله"، قال في "الفتح": يَحْتَمِل أن يكون المراد بالمثلية كونه من فضة، وكونه على صورة النقش المذكورة، ويَحْتَمِل أن يكون لمطلق الاتخاذ. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تعقّب العينيّ تفسير الحافظ لمعنى المثليّة المذكور، ودونك عبارته: قوله: "مثله"؛ أي: مثل ما اتخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من ذهب، ويوضحه ما في رواية أبي داود، حيث قال في روايته: عن نصير بن الفَرَج، عن أبي أسامة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: "اتّخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خاتَمًا من ذهب، وجعل فصه مما يلي بطن كفه، ونَقَش: محمد رسول الله، فاتخذ الناس خواتيم الذهب، فلما رآهم قد اتخذوها، رمى به. . ." الحديث، وقال بعضهم - يعني: الحافظ ابن حجر -: يَحْتَمِل أن يكون المراد بالمثلية: كونه من فضة، وكونه على صورة النقش المذكورة، ويَحْتَمِل أن يكون لمطلق الاتخاذ. انتهى.

قال العينيّ: هذا كله لا يُجدي شيئًا، فقوله: كونه من فضة غير مستقيم، على ما لا يخفى، وكذا قوله: ويَحْتَمِل أن يكون لمطلق الاتخاذ؛ لأن النهي اتخاذ من ذهب، لا مطلق الاتخاذ، والمعنى الصحيح ما ذكرناه، كما بيّنه ما رواه أبو داود. انتهى (٣)، وهو تعقّب جيّد، والله تعالى أعلم.

(ثُمَّ إِنَّهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ) وفي رواية جويرية، عن نافع عند البخاريّ: "فرَقِي المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، فقال: إني كنت اصطنعته، وإني لا ألبسه". (فَنَزَعَهُ)؛ أي: أخرج ذلك الخاتم من إصبعه (فَقَالَ: "إِنِّي كُنْتُ أَلْبَسُ هَذَا الْخَاتِمَ)؛ أي: لكونه مباحًا، (وَأَجْعَلُ فَصَّهُ مِنْ دَاخِلٍ"، فَرَمَى بِه، ثُمَّ قَالَ:


(١) "عون المعبود" ١١/ ١٨٤.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٣٥٨، كتاب "اللباس" رقم (٥٨٦٧).
(٣) "عمدة القاري" ٢٢/ ٣١.