للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له: إنهم لا يقرؤون كتابًا إلا مختومًا، اتّخذ الخاتم ليختم به، هذا هو المقصود الأول فيه، ثم إنه جعله في يده، مستصحبًا له، حفظًا، وصيانةً من أن يتوصّل إليه غيره، ولذلك منع من أن يَنقُش أحدٌ على نقشه، فإنه إذا نَقَش غيرُه مثله، اختلطت الخواتم، وارتفعت الخصوصيّة، وحصلت المفسدة العامّة، وقد بالغ أهل الشام، فمنعوا الخواتم لغير ذي سلطان، وقد أجمع العلماء على جواز التختّم بالوَرِق على الجملة للرجال، قال الخطّابيّ: وكُره للنساء التختّم بالفضّة؛ لأنه من زيّ الرجال، فإن لم يجدن ذهبًا، فليُصفِّرنه بزعفران، أو شِبْهه. انتهى (١).

(فَكَانَ يَجْعَلُ فَصَّهُ) بتثليث الفاء، وتشديد الصاد المهملة، قال المجد رحمه الله: الْفُصّ للخاتم مثلّثةً، ذَكَرَه ابنُ مَالِكٍ في مَثَلَّثِه، وغَيْرُ وَاحِد، ولكن صَرَّحُوا بِأَنَّ الفَتْحَ هو الأَفْصَحُ الأَشْهَرُ، والكَسْرُ غَيْرُ لَحْنٍ، جَمْعه فُصُوصٌ. انتهى (٢).

وقال النوويّ رحمه الله: الفصّ بفتح الفاء، وكسرها، وفي الخاتم أربع لغات: فتح التاء، وكسرها، وخيتام، وخاتام. انتهى (٣)، وتقدّم لغات الخاتم العشر في شرح حديث البراء - رضي الله عنه - الماضي، وبالله تعالى التوفيق.

(فِي بَاطِنِ كَفِّهِ إِذَا لَبِسَهُ) إنما جعله في الباطن؛ لأنه أصْوَن للفصّ، وأبعد من الزهو والإعجاب، وقيل: السرّ في ذلك أنه أبعد من أن يُظنّ أنه فعله للتزيّن به، وفيه نظر؛ إذ لا مَنْع في التزيّن، ولُبس الجميل، فالوجه الأول هو الأولى، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

قال النوويّ رحمه الله: قال العلماء: لم يأمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك بشيء، فيجوز جعل فصّه في باطن كفه، وفي ظاهرها، وقد عَمِل السلف بالوجهين، وممن اتخذه في ظاهرها ابن عباس - رضي الله عنهما - قالوا: ولكن الباطن أفضل؛ اقتداءً به - صلى الله عليه وسلم -. انتهى (٤).


(١) "المفهم" ٥/ ٤١٠ - ٤١١.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٩٩٨، بزيادة من "تاج العروس" ١/ ٤٤٩٤.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ٦٦.
(٤) "شرح النوويّ" ١٤/ ٦٦.