مما يلي باطن كفه؛ ليكون أبعد من التزين، قال الحافظ العراقيّ رحمه الله في "شرح الترمذيّ": دعواه أن العرب لا تَعرف الخاتم عجيبة، فإنه عربيّ، وكانت العرب تستعمله. انتهى، قال الحافظ: ويَحتاج إلى ثبوت لُبسه عن العرب، وإلا فكونه عربيًّا، واستعمالهم له في ختم الكتب لا يَرِد على عبارة الخطابيّ.
وقال الطحاويّ - بعد أن أخرج الحديث الذي أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائيّ عن أبي ريحانة قال:"نَهَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لبس الخاتم إلا لذي سلطان" -: ذهب قوم إلى كراهة لبس الخاتم إلا لذي سلطان، وخالفهم آخرون، فأباحوه، ومن حجتهم حديث أنس المتقدّم:"أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لمّا ألقى خاتمه ألقى الناس خواتيمهم"، فإنه يدلّ على أنه كان يَلْبَس الخاتم في العهد النبويّ من ليس ذا سلطان.
[فإن قيل]: هو منسوخ.
[قلنا]: الذي نسخ منه لُبس خاتم الذهب، قال الحافظ: أو لُبس خاتم منقوش عليه نقش خاتم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كما تقدم تقريره.
ثم أورد عن جماعة من الصحابة، والتابعين، أنهم كانوا يلبسون الخواتم، ممن ليس له سلطان. انتهى.
ولم يُجِب عن حديث أبي ريحانة، قال الحافظ: والذي يظهر أن لبسه لغير ذي سلطان خلاف الأَولى؛ لأنه ضربٌ من التزين (١)، واللائق بالرجال خلافه، وتكون الأدلة الدالّة على الجواز هي الصارفة للنهي عن التحريم، ويؤيده أن في بعض طرقه:"نَهَى عن الزينة، والخاتم … " الحديث.
ويمكن أن يكون المراد بالسلطان: من له سلطنة على شيء ما يحتاج إلى الختم عليه، لا السلطان الأكبر خاصّة، والمراد بالخاتم: ما يُختم به، فيكون لُبسه عَبَثًا، وأما من لَبِس الخاتم الذي لا يُختم به، وكان من الفضة للزينة، فلا يدخل في النهي، وعلى ذلك يُحمل حال من لَبِسه، ويؤيده ما ورد من صفة نقش خواتم بعض من كان يلبس الخواتم مما يدلّ على أنها لم تكن بصفة ما يُختم به.
(١) هذا فيه نظر، فإن التزيّن ليس ممنوعًا للرجال، فتنبّه.