للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

خواتيم الفضة، وبقيت معهم خواتيم الذهب، كما بقي معه خاتمه إلى أن استبدل خاتم الفضة، وطرح خاتم الذهب، فاستبدلوا، وطرحوا. انتهى.

وأيّده الكرمانيّ بأنه ليس في الحديث، أن الخاتم المطروح كان من ورق، بل هو مطلق، فيُحمل على خاتم الذهب، أو على ما نُقش عليه نقش خاتمه، قال: ومهما أمكن الجمع، لا يجوز توهيم الراوي.

قال الحافظ: وَيَحتمل وجها رابعًا، ليس فيه تغيير، ولا زيادة اتخاذ، وهو أنه اتخذ خاتم الذهب للزينة، فلمّا تتابَع الناس فيه، وافق وقوع تحريمه فطرحه، ولذلك قال: "لا ألبسه أبدًا"، وطرح الناس خواتيمهم، تبعًا له، وصرّح بالنهي عن لُبس خاتم الذهب، ثم احتاج إلى الخاتم؛ لأجل الختم به، فاتخذه من فضة، ونقش فيه اسمه الكريم، فتبعه الناس أيضًا في ذلك، فرمى به، حتى رمى الناس تلك الخواتيم المنقوشة على اسمه؛ لئلا تفوت مصلحة نَقْش اسمه، بوقوع الاشتراك، فلما عُدِمت خواتيمهم برميها، رجع إلى خاتمه الخاص به، فصار يختم به، ويشير إلى ذلك قوله في رواية عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، كما سيأتي قريبًا في "باب الخاتم في الخنصر": "إنا اتخذنا خاتمًا، ونقشنا فيه نقشًا، فلا ينقُش عليه أحد"، فلعل بعض من لم يبلغه النهي، أو بعض من بلغه ممن لم يرسخ في قلبه الإيمان من منافق، ونحوه، اتخذوا، ونقشوا، فوقع ما وقع، ويكون طرحه له غضبًا، ممن تشبَّه به في ذلك النقش، وقد أشار إلى ذلك الكرمانيّ، مختصرًا جدًّا. والله أعلم.

وقول الزهري في روايته: "إنه رآه في يده يومًا" لا ينافي ذلك، ولا يعارضه قوله - في رواية حميد -: "سئل أنس هل اتخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا؟ قال: أخَّر ليلةً صلاة العشاء … إلى أن قال: فكأني أنظر إلى وبيص خاتمه"، فإنه يُحمل على أنه رآه كذلك في تلك الليلة، واستمر في يده بقية يومها، ثم طرحه في آخر ذلك اليوم. والله أعلم.

وأما ما أخرجه النسائيّ من طريق المغيرة بن زياد، عن نافع، عن ابن عمر: "اتخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من ذهب، فلبسه ثلاثة أيام"، فيُجمع بينه وبين حديث أنس بأحد أمرين، إن قلنا: إن قول الزهريّ في حديث أنس: "خاتمًا من ورق" سهو، وأن الصواب: "خاتمًا من ذهب"، فقوله: "يومًا واحدًا" ظرف