للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأَمَرَ) بالبناء للفاعل؛ أي: أمر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - (بِهِ)؛ أي: بإخراج ذلك الجرو، (فَأُخْرِجَ) بالبناء للمفعول، (ثُمَّ أَخَذَ) - صلى الله عليه وسلم - (بِيَدِهِ مَاءً، فَنَضَحَ مَكَانَهُ) قال النوويّ رحمهُ اللهُ: قد احتَجّ بهذا جماعة في نجاسة الكلب، قالوا: والمراد بالنضح: الغسل، وتأوّلته المالكية على أنه غَسَلَه لخوف حصول بوله، أو روثه، والله أعلم. (فَلَمَّا أَمْسَى)؛ أي: دخل - صلى الله عليه وسلم - في وقت المساء، وهو خلاف الصباح، وقال ابن الْقُوطِيّة: المساء ما بين الظهر إلى المغرب، وأمسيت إمساء: دخلت في المساء (١). (لَقِيَه جِبْرِيلُ)؛ أي: استقبله، يقال: لَقِيتُهُ أَلْقَاهُ، من باب تَعِبَ لُقيًّا، والأصل على فُعُول، ولُقىً بالضم مع القصر، ولِقَاءً بالكسر، مع المدّ، والقصر، وكلّ شيء استَقْبَل شيئًا، أو صادفه فقد لَقِيهُ، ومنه لِقَاءُ البيت، وهو استقباله (٢). (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (لَهُ)؛ أي: لجبريل عليه السَّلام ("قَدْ كُنْتَ وَعَدْتَنِي أَنْ تَلْقَانِي الْبَارِحَةَ") قال المجد: هي أقرب ليلة مضت (٣)، وقال الفيّوميّ: تقول العرب قبل الزوال: فعلنا الليلة كذا؛ لقربها من وقت الكلام، وتقول بعد الزوال: فعلنا البارحة. انتهى (٤). (قَالَ) جبريل (أَجَلْ) بفتحتين؛ كنَعَمْ وزنًا ومعنًى، (وَلَكِنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا، فِيهِ كَلْبٌ) المراد بالبيت: المكان الذي يستقرّ فيه الشخص، سواء كان بناءً، أو خيمةً، أم غير ذلك، والظاهر العموم في كلّ كلب؛ لأنه نكرة في سياق النفي. وذهب الخطّابيّ، وطائفة إِلَى اسْتِثْنَاء الْكِلَاب الَّتِي أُذِنَ فِي اتِّخَاذهَا، وَهِيَ كِلَاب الصَّيْد، وَالْمَاشِيَة، وَالزَّرْع، وَجَنَحَ الْقُرْطُبِيّ إِلَى تَرْجِيح الْعُمُوم، وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيّ، وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِقِصَّةِ الْجَرْو الَّتِي ستَأْتِي في الحديث التالي، قَالَ: فَامْتَنَعَ جِبْرِيل عليه السَّلام مِنْ دُخُول الْبَيْت، الَّذِي كَانَ فِيه، مَعَ ظُهُور الْعُذْر فِيه، قَالَ: فَلَوْ كَانَ الْعُذْر لا يَمْنَعهُمْ مِنَ الدُّخُول، لَمْ يَمْتَنِع جِبْرِيل عليه السَّلام مِنَ الدُّخُول. انتهى.

قال الحافظ: وَيَحْتمِل أَنْ يُقَال: لا يَلْزَم مِنَ التَّسْوِيَة، بَيْن مَا عُلِمَ بِه، أَو لَمْ يُعْلَم فِيمَا لَمْ يُؤمَر بِاتِّخَاذِه، أَنْ يَكُون الْحُكْم كَذَلِكَ، فِيمَا أُذِنَ فِي اتِّخَاذه. انتهى.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٤.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٥٨.
(٣) "القاموس المحيط" ص ٩١.
(٤) "المصباح المنير" ١/ ٤٢.