قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الاحتمال الذي أبداه الحافظ هو الذي يظهر لي، وحاصله أن الكلاب التي أُذن في اقتنائها لا تدخل في حكم مَنْع دخول الملائكة، ويؤيّد ذلك أن من اقتناها لا يدخل في نقص القيراط، أو القيراطين، حيث استثناه الشارع من ذلك، فكذا هنا فيما يظهر. والله تعالى أعلم.
قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمهُ اللهُ: إنما لم تدخل الملائكة البيت الذي فيه الصورة؛ لأن متّخذها قد تشبّه بالكفّار؛ لأنهم يتّخذون الصور في بيوتهم، ويُعظّمونها، فكَرِهَت الملائكة ذلك، فلم تدخل بيته؛ هَجْرًا له؛ لذلك. انتهى.
وقال النوويّ: قال العلماء: سبب امتناعهم من بيت فيه صورة كونها معصيةً فاحشةً، وفيها مضاهاةٌ لخلق الله تعالى، وبعضها في صورة ما يُعبد من دون الله تعالى، وسبب امتناعهم من بيت فيه كلب؛ لكثرة أكله النجاسات، ولأن بعضها يُسَمَّى شيطانًا، كما جاء به الحديث، والملائكة ضدّ الشياطين، ولقُبْح رائحة الكلب، والملائكة تَكره الرائحة القبيحة، ولأنها مَنْهِيّ عن اتخاذها، فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة بيته، وصلاتها فيه، واستغفارها له، وتبريكها عليه، وفي بيته، ودَفْعها أذى الشيطان، وأما هؤلاء الملائكة الذين لا يدخلون بيتًا فيه كلبٌ، أو صورةٌ، فهم ملائكة يطوفون بالرحمة، والتبريك، والاستغفار، وأما الحفظة فيدخلون في كل بيت، ولا يفارقون بني آدم في كل حال؛ لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم، وكتابتها، قال الخطابيّ: وإنما لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلبٌ، أو صورةٌ، مما يحرم اقتناؤه من الكلاب، والصور، فأما ما ليس بحرام، من كلب الصيد، والزرع، والماشية، والصورة التي تُمْتَهَنُ في البساط، والوسادة، وغيرهما، فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه، وأشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابيّ، قال النوويّ: