عن ابن وهب غير الحديث الأول، فينبغي أن يقول: قال ابن وهب: وأخبرني عمرو، فيأتي بالواو؛ لأنه سمعه هكذا، ولو حذفها لجاز، ولكن الأولى الإتيان بها؛ ليكون راويًا كما سمع. انتهى كلام النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
٥ - (ومنها): أن يونس بن عبد الأعلى هذا أول محلّ ذكره في هذا الكتاب، وقد عرفت ما أخرج له المصنّف من الأحاديث فيه آنفًا.
٦ - (ومنها): أن أبا هريرة - رضي الله عنه - رأس المكثرين السبعة، كما تقدّم قريبًا، والله تعالى أعلم.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنهُ قَالَ:"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) وهو الله - سبحانه وتعالى - الذي بيده كلّ شيء، وفيه من المحسّنات البديعيّة التجريد على قول الجمهور، وعلى قول السكّاكيّ فيه التفاتٌ؛ إذ مقتضى المقام أن يقول: والذي نفسي بيده، وقد سبق قبل باب نحو هذا في حديث سعد بن أبي وقّاص - رضي الله عنه - في قوله: "وسعدٌ جالسٌ".
[تنبيه]: قال القاري في "المرقاة" في شرح قوله: "بيده" ما نصّه: أي كائنة بنعمته، وحاصلة بقدرته، وثابتة بإرادته، ووجه استعارة اليد للقدرة أن أكثر ما يظهر سلطانها في أيدينا، وهي من المتشابهات، ومذهب السلف فيها تفويض علمه إلى الله تعالى، مع التنزيه عن ظاهره، وهو أسلم؛ حذرًا من أن يُعيَّن له غير مراد له تعالى، ويؤيّده وقف الجمهور على الجلالة في قوله تعالى:{وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ}[آل عمران: ٧]، وعدّوه وقفًا لازمًا، وهو ما في وصله إيهام معنى فاسد، ومن ثمّ قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ -: تأويل اليد بالقدرة يؤدّي إلى تعطيل ما أثبته تعالى لنفسه، وإنما الذي ينبغي الإيمان بما ذكره الله تعالى من ذلك ونحوه على ما أراده، ولا يُشتغل بتأويله، فنقول: له يدٌ على ما أراده لا كيد المخلوقين، ومذهب الخلف فيها تأويله بما يليق بجلال الله تعالى، وتنزيهه عن الجسم والجهة، ولوازمها؛ بناءً على أن الوقف على {الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}[النساء: ١٦٢]، وكان ابن عبّاس يقول: أنا أعلم تأويله، وأنا من الراسخين في