للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أو الحبة أعمّ، والغرض تعجيزهم تارة بتكليفهم خلق حيوان، وهو أشدّ، وأخرى بتكليفهم خلق جماد، وهو أهون، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك، قاله في "الفتح" (١).

وقال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وأما قوله تعالى: "فليخلقوا ذَرّةً، أو حبةً، أو شعيرة" فالذرّة - بفتح الذال، وتشديد الراء - ومعناه: فليخلقوا ذَرّةً فيها رُوح تتصرف بنفسها كهذه الذرّة التي هي خلق الله تعالى، وكذلك فليخلقوا حَبَّةَ حنطة، أو شعير؛ أي: ليخلقوا حبة فيها طَعْمٌ تؤكل، وتُزرع، وتَنبت، ويوجد فيها ما يوجد في حبة الحنطة والشعير، ونحوهما من الحبّ الذي يخلقه الله تعالى، وهذا أمر تعجيز، كما سبق، والله أعلم. انتهى (٢).

وقال ابن حبّان رَحِمَهُ اللهُ في "صحيحه": قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فليخلقوا حبّة، أو ليخلقوا ذَرَّةً" من ألفاظ الأوامر التي مرادها التعجيز. انتهى (٣).

وقال في "الفتح" في موضع آخر (٤): قوله: "يخلق كخلقي" نَسب الخلق إليهم على سبيل الاستهزاء، أو التشبيه في الصورة فقط، وقوله: "فليخلقوا ذَرّةً، أو شعيرةً" أمْر بمعنى التعجيز، وهو على سبيل الترقي في الحقارة، أو التنزل في الإلزام، والمراد بالذرَّة إن كان النملة فهو من تعذيبهم، وتعجيزهم بِخَلق الحيوان تارةً، وبخلق الجماد أخرى، وإن كان بمعنى الهباء، فهو بخلق ما ليس له جرم محسوس تارة، وبما له جرم أخرى، ويَحْتَمِل أن يكون "أو" شكًّا من الراوي. انتهى (٥).

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا متفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٦٨، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٥٢).
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٩١.
(٣) "الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان" ١٣/ ١٧٠.
(٤) هو في "كتاب التوحيد".
(٥) "الفتح" ١٣/ ٥٣٤، كتاب "التوحيد" رقم (٧٥٥٩).