للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ"؛ أي: ملائكة الرحمة، لا الحفظة، فإنها لا تفارق الإنسان في أحواله، وقال الشيخ وليّ الدين - رحمه الله -: يَحْتَمِل أن يكون المراد أنها لا تصحبهم أصلًا، ويَحْتَمِل أنها لا تصحبهم بالكلأ، والحفظ، والاستغفار، من قوله: "اللهم أنت الصاحب في السفر"؛ أي: الحافظ، والكالئ، وإن كان هو مع العبد حيث كان في كل حال.

قال صاحب "العون": الظاهر أن المراد بهم غير الحفظة، فإن الحفظة لا يفارقون بني آدم. انتهى (١).

(رُفْقَةً) بضم أوله؛ أي: جماعةً ترافقوا، قال المجد - رحمه الله -: الرّفقة: مثلّثةً، وكثُمامة: جماعة تُرافقهم، جَمْعه ككتاب، وأصحاب، وصُرَد، والرفيق: المرافق، جَمْعه رُفقاء، فإذا تفرّقوا ذهب اسم الرفقة، لا اسم الرفيق. انتهى (٢).

وقال الفيّوميّ - رحمه الله -: الرّفْقَةُ: الجماعة تُرَافِقُهُمْ في سفرك، فإذا تفرقتم زال اسم الرُّفْقَةُ، وهي بضم الراء في لغة بني تميم، والجمع: رِفَاق، مثل بُرْمَة وبِرَام، وبكسرها في لغة قيس، والجمع: رِفَقٌ، مثل سِدْرة وسِدَر، والرَّفِيقُ: الذي يُرَافِقُكَ، قال الخليل: ولا يذهب اسم الرَّفِيقِ بالتفرق. انتهى (٣).

(فِيهَا كلْبٌ)؛ أي: غير مأذون في اقتنائه؛ ككلب الصيد، والغنم، والحراسة، قال القرطبيّ - رحمه الله -: يُفهم من هذا الحديث، ومما تقدَّم أن مقصود الشرع مباعدة الكلاب، وألا تُتَّخَذ في حَضَر، ولا سفر، وذلك للعلل التي تقدَّم ذكرها. وهو حجَّة لمن منع اتخاذ الكلب لحراسة الدواب، والأمتعة من السُّرَّاق في الأسفار. وهو قول أصحاب مالك، وأجاز هشام بن عروة اتخاذها لحراسة البقر من السرّاق.

قال القرطبيّ: والظاهر: أن المراد بالكلب هنا غير المأذون في اتخاذه،


(١) راجع: "عون المعبود في شرح سنن أبي داود" ٧/ ١٦٢.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٥٢٢.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ٢٣٤.