للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كما تقدَّم؛ لأن المسافر قد يحتاج إلى حفظ ماشية دوابه، وإبله، وغير ذلك، فيضطر إلى اتخاذها كما يضطر إليها في الحضر لزرعه وضرعه. انتهى كلام القرطبيّ - رحمه الله - (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

(وَلَا جَرَسٌ") بزيادة "لا" للتأكيد، قال الطيبيّ - رحمه الله -: جاز عطفه على قوله: "فيها كلب" وإن كان مثبَتًا؛ لأنه في سياق النفي، وفي "المغرب": الجرس بفتحتين: ما يُعَلَّق بعنق الدابة، وغيرها، فيُصَوِّت.

وقال الجزريّ في "النهاية": هو الْجُلْجُل الذي يُعَلَّق على الدواب، قيل: إنما كرهه؛ لأنه يدلّ على أصحابه بصوته، وكان - صلى الله عليه وسلم - يُحِبّ أن لا يعلم العدوّ به حتى يأتيهم فَجْأة، وقيل غير ذلك. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: "الْجَرَس": ما يُعلَّق في أعناق الإبل مما له صلصلة، والذي يُضرب به، وهو بفتح الراء، وجمعه: أجراس. فأمَّا: الْجَرْس - بفتح، فسكون - فهو: الصوت الخفيّ، يقال: بفتح الجيم وكسرها (٣).

وقال في "الفتح": الجرس بفتح الجيم والراء، ثم مهملة معروف، وحَكَى عياض إسكان الراء، والتحقيق أن الذي بالفتح اسم الآلة، وبالإسكان اسم الصوت، ورَوَى مسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رفعه: "الجرس مزمار الشيطان"، وهو دالّ على أن الكراهية فيه لصوته؛ لأن فيها شَبَهًا بصوت الناقوس، وشكله، قال النووي وغيره: الجمهور على أن النهي للكراهة، وأنها كراهة تنزيه، وقيل: للتحريم، وقيل: يُمنع منه قبل الحاجة، ويجوز إذا وقعت الحاجة، وعن مالك: تختص الكراهة من القلائد بالوتر، ويجوز بغيرها إذا لم يقصد دفع العين، هذا كله في تعليق التمائم وغيرها، مما ليس فيه قراَن ونحوه، فأما ما فيه ذِكر الله فلا نهي فيه، فإنه إنما يجعل للتبرك به، والتعوذ بأسمائه وذِكره (٤)، وكذلك لا نهي عما يُعَلَّق لأجل الزينة ما لم


(١) "المفهم" ٥/ ٤٣٤.
(٢) "النهاية في غريب الأثر" ص ١٤٨.
(٣) "المفهم" ٥/ ٤٣٤ - ٤٣٥.
(٤) اختلف السلف في تعليق التمائم من القرآن، فرخّص فيه بعضهم، منهم عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -، ومنهم من لم يرخّص فيه، كعبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، قال إبراهيم =