للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يبلغ الخيلاء، أو السَّرَف، واختلفوا في تعليق الجرس أيضًا، ثالثها يجوز بقدر الحاجة، ومنهم من أجاز الصغير منها دون الكبير، وأغرب ابن حبان، فزعم أن الملائكة لا تصحب الرفقة التي يكون فيها الجرس إذا كان رسول الله - صلي الله عليه وسلم - فيها. انتهى (١).

وقال النوويّ: وسبب الحكمة في عدم مصاحبة الملائكة مع الجرس أنه شبيه بالنواقيس، أو لأنه من المعاليق المنهيّ عنها لكراهة صوتها، ويؤيده قوله: "الجرس مزامير الشيطان"، وهو مذهبنا، ومذهب مالك، وهي كراهة تنزيه، وقال جماعة من متقدمي علماء الشام: يكره الجرس الكبير، دون الصغير. انتهى (٢).

قال المباركفوريّ - رحمه الله -: لفظ الحديث مطلق، فيدخل فيه كلّ جرس كبيرًا كان، أو صغيرًا، فالتقييد بالجرس الكبير يحتاج إلى الدليل.

وروى أبو داود في "سننه": قال: حدّثنا عليّ بن سهل، وإبراهيم بن الحسن قالا: أنبأنا حجاج، عن ابن جريج قال: أخبرني عمر بن حفص، أن عامر بن عبد الله - قال علي بن سهل: - ابن الزبير أخبره أن مولاةً لهم ذهبت بابنه الزبير إلى عمر بن الخطاب، وفي رجلها أجراس، فقطعها عمر، ثم قال: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول: "إن مع كلّ جرس شيطانًا".

قال المنذريّ: مولاة لهم مجهولة، وعامر بن عبد الله بن الزبير لم يُدرك عمره انتهى.

ورَوَى أيضًا عن بُنانة مولاة عبد الرحمن بن حيان الأنصاريّ، عن عائشة


= النخعيّ - رحمه الله -: كانوا يكرهون التمائم من القرآن، وغير القرآن، يريد أصحاب عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -، راجع ما كتبه البرّاك على هامش: "الفتح" ٧/ ٢٥٨.
قال الجامع: هذا عندي أَولى؛ لعدم ما يؤيّده من النصوص؛ إذ الرقية بالقرآن والتداوي به بالقراءة ثَبَت في نصوص، ولم يصحّ لدينا أنه - صلى الله عليه وسلم - علّقه تميمة، ولا أمر به، فالأولى الوقوف عند ما صحّ عنه، والله تعالى أعلم.
(١) "الفتح" ٧/ ٢٥٨، كتاب "الجهاد" رقم (٣٠٠٥).
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٩٥ - ٩٦.