قالت: بينما هي عندها إذ دخل عليها بجارية، وعليها جلاجل يصوِّتن، فقالت: لا تُدخلنها عليّ إلا أن تقطعوا جلاجلها، وقالت: سمعت رسول الله - صلي الله عليه وسلم - يقول:"لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرس"، والحديث سكت عنه أبو داود، والمنذريّ (١).
قال الجامع عفا الله عنه: بل الحديث ضعيف؛ لأن في سنده بُنانة مولاة عبد الرحمن بن حيّان، تفرّد ابن جُريج بالرواية عنها، فهي مجهولة، ولذا قال في "التقريب": لا تُعرف، وابن جريج مدلّس، وقد عنعنه عنها، فالحديث ضعيف؛ كالذي قبله، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢٦/ ٥٥٣٤ و ٥٥٣٥](٢١١٣)، و (أبو داود) في "الجهاد"(٢٥٥٥)، و (الترمذيّ) في "الجهاد"(١٧٠٣)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٦/ ٤٢٤)، و (أحمد) في "مسنده"(٢/ ٣٨٥ و ٤١٤)، و (ابن راهويه) في "مسنده"(١/ ٣٠٢)، و (ابن الجعد) في "مسنده"(١/ ٣٩١)، و (الدارميّ) في "سننه"(٢/ ٣٧٤)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٤٧٠٣)، و (البيهقيّ) في "الكبرى"(٥/ ٢٥٤)، و (البغويّ) في "شرح السُّنَّة"(٢٦٧٨)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): قال القرطبيّ - رحمه الله -: في هذا الحديث ما يدلّ على كراهة اتخاذ الأجراس في الأسفار، وهو قول مالك وغيره.
قال: وينبغي ألا تُقصر الكراهة على الأسفار، بل هي مكروهة في الحضر أيضًا، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الجرس مزامير الشيطان"، ومزامير الشيطان مكروهة سفرًا وحضرًا، ثمَّ: هذا يعمّ الكبير، والصغير منها، وقد فرَّق بعض الشاميين، فأجازوا الصغير، ومنعوا الكبير. ووجه الفرق: أن الكبير به يقع التشويش على