إذا كان للحاجة، كما يُستعمل الآن في البيوت، والحوانيت، والسيّارات وغيرها من الحوائج الضرورية فلا أرى فيه المنع - إن شاء الله تعالى -.
والحاصل أن استعمال الجرس في الحضر للحاجة جائزٌ؛ لأمور:
(الأول): أن حديث النهي مقيّد بالرفقة في السفر.
(الثاني): أن حديث: "لا تدخل الملائكة بيتًا فيه جرسٌ"، ضعيف، فلا يصلح للاحتجاج به، كما أسلفته قريبًا.
(الثالث): أن الذين قالوا بالنهي في الحضر، كما تقدّم عن القرطبي احتجّوا بحديث مسلم:"الجرس مزامير الشيطان"، وقد علمت أن تسميته بهذا الاسم لا ينافي جواز استعماله للحاجة في الحضر؛ لِمَا ذكرته في قصّة أبي بكر في العيد، فقد أباح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - استعمال الدفّ مع الغناء لأجل العيد؛ لحاجة الناس إلى الفرح والسرور في ذلك اليوم، مع أن أبا بكر - رضي الله عنه - سمّاه مزامير الشيطان، ولم يُنكر ذلك عليه، وإنما بيّن له أن حاجة المسلمين اليوم لمثله يبيحه، هذا ما عندي، والله تعالى أعلم بالصواب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رحمه الله - أوّل الكتاب قال:
١ - (عَبْدُ الْعَزِيزِ) بن محمد بن عُبيد الدَّرَاوَرْدِيُّ الجهنيّ مولاهم، أبو محمد المدنيّ، صدوقٌ كان يُحدّث من كتب غيره، فيُخطئ [٨](ت ٦ أو ١٨٧)(ع) تقدم في "الإيمان" ٨/ ١٣٥.
والباقون ذُكروا في الباب الماضي.
وقوله:(كِلَاهُمَا عَنْ سُهَيْلٍ) ضمير التثنية لجرير بن عبد الحميد، وعبد العزيز الدراورديّ؛ يعني: أنهما رويا هذا الحديث عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
[تنبيه]: رواية جرير عن سُهيل ساقها ابن خزيمة - رضي الله عنه - في "صحيحه"، فقال: