للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

داود، وغيرهما. قال مالك: أرى أن ذلك من أجل العين، ويؤيده حديث عقبة بن عامر رفعه: "مَن عَلَّق تميمةً فلا أتمَّ الله له"، أخرجه أبو داود أيضًا، والتميمة: ما عُلِّق من القلائد خشية العين، ونحو ذلك، قال ابن عبد البرّ: إذا اعتقد الذي قلدها أنها تردّ العين، فقد ظن أنها تردّ القدر، وذلك لا يجوز اعتقاده.

[ثانيها]: النهي عن ذلك لئلا تختنق الدابة بها عند شدّة الركض، ويُحكى ذلك عن محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، وكلام أبي عبيد يرجحه، فإنه قال: نُهي عن ذلك؛ لأن الدواب تتأذى بذلك، ويضيق عليها نفسها، ورعيها، وربما تعلقت بشجرة فاختنقت، أو تعوَّقت عن السَّيْر.

[ثالثها]: أنهم كانوا يعلِّقون فيها الأجراس، حكاه الخطابيّ، وعليه يدل تبويب البخاريّ (١)، وقد رَوى أبو داود، والنسائيّ من حديث أم حبيبة أم المؤمنين - رضي الله عنهما - مرفوعًا: "لا تصحب الملائكة رُفقة فيها جرس"، وأخرجه النسائيّ من حديث أم سلمة أيضًا.

قال الحافظ: والذي يظهر أن البخاري أشار إلى ما ورد في بعض طرقه، فقد أخرجه الدارقطنيّ من طريق عثمان بن عمر عن مالك بلفظ: "لا تبقينّ قلادة من وتر، ولا جرس في عنق بعير إلا قُطع".

قال الحافظ: ولا فرق بين الإبل وغيرها في ذلك، إلا على القول الثالث، فلم تجر العادة بتعليق الأجراس في رقاب الخيل.

وقد روى أبو داود، والنسائيّ من حديث أبي وهب الْجُشَميّ، رفعه: "اربطوا الخيل، وقلِّدوها، ولا تقلدوها الأوتار"، فدلّ على أن لا اختصاص للإبل، فلعل التقييد بها في الترجمة (٢) للغالب.

وقد حَمَل النضر بن شُميل الأوتار في هذا الحديث على معنى الثأر، فقال: معناه: لا تطلبوا بها ذُحول الجاهلية، قال القرطبيّ، وهو تأويل بعيد، وقال النوويّ: ضعيف، وإلى نحو قول النضر جَنَح وكيع، فقال: المعنى: لا تركبوا الخيل في الفتن، فإن من ركبها لم يَسلَم أن يتعلق به وَتْرٌ يُطلب به.


(١) أي: حيث قال: "باب ما قيل في الجرس ونحوه في أعناق الإبل".
(٢) أي: ترجمة البخاريّ السابقة.