للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وبعضهم يقوله بالمهملة، وبالمعجمة، وبعضهم فرَّق، فقال: بالمهملة في الوجه، وبالمعجمة في سائر الجسد.

قال أهل اللغة: الوسم أثر كَيّة، يقال: بعير موسوم، وقد وَسَمَه يَسِمه وَسْمًا، وسِمَة، والْمِيسم الشيء الذي يُوسم به، وهو بكسر الميم، وفتح السين، وجمعه مياسم، ومواسم، وأصله كله من السِّمَة، وهي العلامة، ومنه مَوْسم الحجّ؛ أي: مَعْلَم جَمْع الناس، وفلان موسوم بالخير، وعليه سمة الخير؛ أي: علامته، وتوسمت فيه كذا؛ أي: رأيت فيه علامته، والله أعلم. انتهى (١).

وقال النوويّ أيضًا: وأما الوسم في الوجه فمنهيّ عنه بالإجماع؛ لحديث الباب، ولمَا ذكرناه، فأما الآدميّ فوَسْمه حرام؛ لكرامته، ولأنه لا حاجة إليه، فلا يجوز تعذيبه، وأما غير الآدميّ، فقال جماعة من أصحابنا - يعني: الشافعيّة -: يكره، وقال البغويّ من أصحابنا: لا يجوز، فأشار إلى تحريمه، وهو الأظهر؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَعَن فاعله، واللعن يقتضى التحريم، وأما وسم غير الوجه من غير الآدميّ فجائز، بلا خلاف عندنا، لكن يستحب في نَعَم الزكاة، والجزية، ولا يستحب في غيرها، ولا يُنهى عنه. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله - (٢)، وهو بحث قيّم، ويستفاد منه ترجيح القول بتحريم الوسم في الوجه؛ لظهور حجته، والله تعالى أعلم.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٢٨/ ٥٥٣٨ و ٥٥٣٩] (٢١١٦)، و (أبو داود) في "الجهاد" (٢٥٦٤)، و (الترمذيّ) في "الجهاد" (١٧١٠)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه" (٤/ ٢٦٣)، و (أحمد) في "مسنده" (٣/ ٣١٨ و ٣٧٨)، و (ابن خزيمة) في "صحيحه" (٢٥٥١)، و (البيهقي) في "الكبرى" (٥/ ٢٥٥)، والله تعالى أعلم.


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ٩٧.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ٩٧.