لدخوله في عموم النهي عن المُثلة، وقد ثبت ذلك من فعل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فدلّ على أنه مخصوص من العموم المذكور؛ للحاجة؛ كالختان للآدميّ، قاله في "الفتح"(١).
٦ - (ومنها): ما قاله المهلب وغيره: في هذا الحديث أن للإمام أن يتخذ مِيسمًا، وليس للناس أن يتخذوا نظيره، وهو كالخاتم.
٧ - (ومنها): أن فيه اعتناءَ الإمام بأموال الصدقة، وتوليها بنفسه، ويلتحق به جميع أمور المسلمين.
٨ - (ومنها): جواز إيلام الحيوان للحاجة.
٩ - (ومنها): جواز تأخير قسمة الصدقة؛ لأنها لو عُجِّلت لاستُغني عن الوسم.
١٠ - (ومنها)؛ أن فيه مباشرةَ أعمال المهنة، وترك الاستنابة فيها؛ للرغبة في زيادة الأجر، ونفي الكِبْر، والله أعلم.
١١ - (ومنها): ما قاله النوويّ - رحمه الله -: إن وسم الآدميّ حرام، وأما غير الآدميّ فالوسم في وجهه منهيّ عنه، وأما غير الوجه فمستحب في نَعَم الزكاة، والجزية، وجائز في غيرها، وإذا وَسَم فيستحب أن يَسِم الغنم في آذانها، والإبل، والبقر في أصول أفخاذها؛ لأنه موضعٌ صَلْبٌ، فيقلّ الألم فيه، ويخِفّ شعره، ويظهر الوسم، وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه من بعض، ويستحب أن يكتب في ماشية الجزية: جزية، أو صَغار، وفي ماشية الزكاة: زكاة، أو صدقة، قال الشافعيّ وأصحابه: يستحب كون مِيسم الغنم ألطف من ميسم البقر، وميسم البقر ألطف من ميسم الإبل.
قال النوويّ: وهذا الذي قدمناه من استحباب وَسْم نَعَم الزكاة والجزية هو مذهبنا، ومذهب الصحابة كلهم - رضي الله عنه -، وجماهير العلماء بعدهم، ونقل ابن الصباغ، وغيره إجماع الصحابة عليه، وقال أبو حنيفة: هو مكروه؛ لأنه تعذيب ومُثْلةٌ، وقد نُهِي عن المثلة، وحجة الجمهور هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التي ذكرها مسلم، وآثار كثيرة عن عُمر وغيره من الصحابة - رضي الله عنهم -، ولأنها ربما