للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ عُبَيْدِ اللهِ) بن عمر العمريّ أنه قال: (أَخْبَرَني عُمَرُ بْنُ نَافِع، عَنْ أَبِيهِ) نافع مولى ابن عمر، (عَنِ ابْنِ عُمَرَ) بن الخطّاب - رضي الله عنهما - (أَن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْقَزَعِ) - بفتح القاف، والزاي، ثم العين المهملة - جمع قَزَعة، وهي القطعة من السحاب، وسُمّي شعر الرأس إذا حُلِق بعضه، وترك بعضه قَزَعًا؛ تشبيهًا بالسحاب المتفرق، قاله في "الفتح" (١).

(قَالَ) عمر بن نافع (قُلْتُ لِنَافِع) أبيه، (وَمَا الْفَزَعُ؟ قَالَ) نافع: (يُحْلَقُ) بالبناء للمفعول، وهكذا الرواية بدون "أن" المصدريّة، ولا بدّ من تقديرها، ورفع الفعل إذا حُذفت قياس على الأصحّ، كما في قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ} [الروم: ٢٤] الآية، وإليه يشير ابن مالك - رحمه الله - في "الخلاصة" حيث قال:

وَشَذَّ حَذْفُ "أَنْ" ونَصْبٌ فِي سِوَى … مَا مَرَّ فَاقْبَلْ مِنْهُ مَا عَدْلٌ رَوَى

فإن مقتضاه أن حذفها مع رفع الفعل ليس شاذًّا، كما في الآية المذكورة، والفعل في تأويل المصدر خبر لحذوف؛ أي: هو حلقُ بعض الرأس، وترك بعضه. (بَعْضُ رَأسِ الصَّبِيِّ، وَيُتْرَكُ بَعْضٌ) هذه الرواية صريحة في أن التفسير المذكور لنافع، وفي رواية أبي لأسامة التالية أنه لعبيد الله، قال النوويّ - رحمه الله -: وفي رواية أن هذا التفسير من كلام عبيد الله، قال: وهذا الذي فسّره به نافع، أو عبيد الله هو الأصح، وهو أن القزع حَلْق بعض الرأس مطلقًا، ومنهم من قال: هو حَلْق مواضع متفرقة منه، والصحيح الأول؛ لأنه تفسير الراوي، وهو غير مخالف للظاهر، فوجب العمل به. انتهى.

وقال القرطبيّ - رحمه الله - في "الصحاح": القزع أن يُحْلَق رأس الصبي في مواضع، ويترك الشعر متفرقًا، وقد نُهي عنه، وقَزَّع رأسه تقزيعًا: إذا حلق شعره، وبقيت منه بقايا في نواحي رأسه، ورجل مُقَزَّع: رقيقُ شعر الرأس، متفرَّقه، قال: والقزع: قِطَعٌ من السحاب رقيقًا، الواحدة: قزعة.

قال القرطبي - رحمه الله -: لا خلاف أنه إذا حُلق من الرأس مواضع، وأبقيت مواضع أنه القَزَع المنهي عنه، لِمَا عُرِف من اللغة كما نقلناه، ولتقسير نافع له بذلك.


(١) "الفتح" ١٣/ ٤٣٢، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٢٠).