للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَفَأَصِلُهُ)؛ أي: أصل شعرها بشعر آخر، (فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("لَعَنَ اللهُ)؛ أي: أبعدها، (الْوَاصِلَةَ) هي التي تَصِل شعر المرأة بشعر آخر، (وَالْمُسْتَوْصِلَةَ") التي تَطْلُب من يَفْعَل بها ذلك، ويقال لها: موصولة.

قال القرطبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: هذا الحديث نصّ في تحريم وصل الشعر بالشعر، وبه قال مالك، وجماعة العلماء، ومنعوا الوصل بكل شيء، من الصوف، والخرق، وغيرها؛ لأن ذلك كلّه في معنى وَصله بالشعر، ولعموم نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تصل المرأة شعرها، وقد شذّ الليث بن سعد، فأجاز وَصْله بالصوف، والخِرَق، وما ليس بشعبر، وهو محجوج بما تقدّم. وأباح آخرون وضع الشعر على الرأس، وقالوا: إنما نُهي عن الوصل خاضة، وهذه ظاهريّة محضة، وإعراضٌ عن المعنى. وقد شذّ قومٌ، فأجازوا الوصل مطلقًا، وتأوّلوا الحديث على غير وصل الشعر، وهو قولٌ باطلٌ. وقد روي عن عائشة - رضي الله عنها -، ولم يصحّ عنها.

ولا يدخل في هذا النهي ما رُبط من الشعر بخيوط الحرير الملوّنة، وما لا يُشبه الشعر، ولا يكثّره، وإنما يُفعل ذلك للتجمّل، والزينة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "ولا يدخل … إلخ" فيه نظر لا يخفى؛ إذ النصّ يشمله، فبأيّ حجة يباح؟ فتبصّر، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: قوله: "الواصلة، والمستوصلة" هذا القَدْر الذي وجدته من حديث أسماء، فكأنها ما سمعت الزيادة التي في حديث أبي هريرة، وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في الواشمة، والمستوشمة، فأخرج الطبريّ بسند صحيح، عن قيس بن أبي حازم قال: دخلت مع أبي على أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، فرأيت يد أسماء موشومة، قال الطبريّ: كأنها كانت صَنَعته قبل النهي، فاستمر في يدها، قال: ولا يُظَنّ بها أنها فعلته بعد النهي؛ لثبوت النهي عن ذلك، قال الحافظ: ويَحْتَمِل أنها لم تسمعه، أو كانت بيدها جراحة فداوتها، فبقي الأثر مثل الوشم في يدها. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - (٢)، وهو تحقيقٌ نفيس، والله تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ٥/ ٤٤٣.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٤٥٢، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣٥).