(فأَتَى) الرجل (النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ)؛ أي: ما قلت له: "لا نكنيك أبا القاسم … إلخ"، (فَقَالَ) - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ("أَسْمِ) بقطع الهمزة، من الإسماء، ولفظ البخاريّ: "سَمِّ ابنك"، وكلاهما لغتان، يقال: سمّيته، وأسميته محمدًا، وبمحمّد. (ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَن") ووقع في بعض النُّسخ: "اسمُ ابنك عبدُ الرَّحمن"، على أنَّه مبتدأ وخبره، ولا تَخَالُف بين هذا، وبين ما تقدّم من قوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الجواب:"سمّوا باسمي، ولا تكنوا بكنيتي"؛ لإمكان الجمع بينهما بأن كِلا الراويين ذَكر ما لَمْ يذكره الآخر، قاله في "الفتح"، وقال أيضًا: قال بعض شراح "المشارق": لله الأسماء الحسني، وفيها أصول وفروع؛ أي: من حيث الاشتقاق، قال: وللأصول أصول؛ أي: من حيث المعنى، فأصول الأصول اسمان: الله، والرحمن؛ لأنَّ كلًّا منهما مشتمل على الأسماء كلِّها، قال الله تعالى:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ} الآية [الإسراء: ١١٠]، ولذلك لَمْ يتسمّ بهما أحدٌ، وما ورد من رحمن اليمامة غير وارد؛ لأنه مضاف، وقول شاعرهم:
وأنت غيثُ الورى لا زلت رحمانا
تغالٍ في الكفر، وليس بوارد؛ لأنَّ الكلام في أنه لَمْ يتسمّ به أحدٌ، ولا يَرِدُ إطلاق من أطلقه وصفًا؛ لأنه لا يستلزم التسمية بذلك، وقد لُقِّب غير واحد: الملك الرحيم، ولم يقع مثل ذلك في الرَّحمن، وإذا تقرّر ذلك كانت إضافة العبودية إلى كلّ منهما حقيقيةً محضةً، فظهر وجه الأحبية. انتهى (١).
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في شرح الحديث الثالث من أحاديث الباب، ولله الحمد والمنّة.
وبالسند المتّصل إلى المؤلِّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال: