للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالكسر؛ لأنه منصرف؛ لكونه بوزن أفعال، لا فعلاء، وليس مثل "أشياءَ"، فتنبّه.

وفي بعض النُّسخ: "أربعة أسماء: أفلح، ورباحًا، ويسارًا، ونافعًا"، (أَفْلَحَ) من الفلاح، وهو الفوز، (وَرَبَاحٍ) من الربح، وهو ضدّ الخسارة، (وَيَسَارٍ) من اليسر ضدّ العسر، (وَنَافِعٍ) من النفع، وسيأتي سبب النهي عن هذه التسمية في الحديث الثالث: "فإن تقول: أثَمّ هو؟، فلا يكون، فيقول: لا".

وقال الإمام ابن حبّان رحمه الله: يشبه أن تكون العلة في الزجر عن تسمية الغلمان بالأسامي الأربع التي ذُكرت في الخبر، هي أن القوم كان عهدهم بالشرك قريبًا، وكانوا يُسَمُّون الرقيق بهذه الأسامي، ويرون الربح من رباح، والنجح من نجاح، واليسر من يسار، وفلاحًا من أفلح، لا من الله تعالى جل وعلا، فمن أجل هذا نَهَى عما نَهَى عنه. انتهى (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: هذا نهي صحيح عن تسمية العبد بهذه الأسماء، لكنه على جهة التنزيه، بدليل قول جابر في الحديث الآتي: أراد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن ينهى أن يُسمُّى بمقبل، وببركة، وبأفلح، وبيسار، وبنافع، ونحو ذلك، ثم سكت؛ يعني: أراد أن ينهى عن ذلك نهي تحريم، وإلا فقد صدر النهي عنه على ما تقدَّم، لكنه على وجه الكراهة التي معناها أن ترك المنهي عنه أَولى من فِعله؛ لأنَّ التَّسمية بتلك الأسماء تؤدي إلى أن يَسمع الإنسان ما يكرهه، كما نَصَّ عليه بقوله: "فإنك تقول: أثمَّ هو؟، فلا يكون؛ فتقول: لا"، وبالنظر إلى هذا المعنى، فلا تكون هذه الكراهة خاصة بالعبيد، بل: تتعدى إلى الأحرار، ولا مقصورة على هذه الأربعة الأسماء، بل: تتعدى إلى ما في معناها، وإلى هذا أشار جابر في حديثه بقوله: "وبنحو ذلك"، وحينئذ يقال: فما فائدة تخصيص الغلام بالذِّكر؟ وكيف يعدَّى إلى زيادة على الأربع، وقد قال في بقيَّة الحديث: "إنما هي أربع، فلا تزيدن عليّ"؟.

فالجواب عن الأوَّل من وجهين:

أحدهما: أنَّا لا نسلِّم أن المراد بالغلام العبد، بل: الصغير؛ فإنه يقال عليه: غلام إلى أن يبلغ، والأنثى: جارية، كما تقدَّم.


(١) "صحيح ابن حبان" ١٣/ ١٥٠.