للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النقائص، والرضا بالضيم - يعني: العيب والنقص - فلما جاء الإسلام نُهوا عنه، ولعله لم يسمِّها مطيعةً مع أنها ضدّ العاصية مخافة التزكية.

وقال في "النهاية": إنما غيّره؛ لأن شعار المؤمن الطاعة، والعصيان ضدّها. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: معنى هذه الأحاديث تغيير الاسم القبيح، أو المكروه إلى حسن، وقد ثبت أحاديث بتغييره - صلى الله عليه وسلم - أسماء جماعة كثيرين من الصحابة، وقد بَيَّنَ - صلى الله عليه وسلم - العلة في النوعين، وما في معناهما، وهي التزكية، أو خوف التطيّر. انتهى (٢).

(وَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَنْتِ جَمِيلَةُ" أي: اسمك اللائق بك جميلة بدل عاصية.

وقوله: (قَالَ أَحْمَدُ)؛ يعني: ابن حنبل شيخه الثاني في روايته، (مَكَانَ) لفظ (أَخْبَرَنِي: عَنْ) فـ "مكان" منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "قال"، و"عن" مقول "القول".

وقال القرطبيّ رحمه الله: تبديل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اسم عاصيةَ بجميلةَ، والعاصي بن الأسود بمطيع، ونحو ذلك سُنَّة ينبغي أن يُقتدى به فيها؛ فإنَّه كان يَكره قبيح الأسماء، ولا يتطيَّر به، ويحبُّ حَسَن الأسماء، ويتفاءل به، وفي كتاب أبي داود عن بُريدة - رضي الله عنه -: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - كان لا يتطيَّر من شيء، وكان إذا بَعَث عاملًا سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فَرِحَ به، ورُئي بِشْرُ ذلك في وجهه، وإن كَرِه اسمه رُئي كراهة ذلك في وجهه (٣).

وفي الترمذيّ عن أنس - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج لحاجته يعجبه أن يسمع: يا راشد، يا نجيح (٤).

وقال ابن حبّان رحمه الله في "صحيحه" بعد إخراجه الحديث: استعمال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - هذا الفعل لم يكن تطيّرًا بعاصية، ولكن تفاؤلًا بجميلة، وكذلك ما يُشبه هذا الجنس من الأسماء؛ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عن الطِّيَرة في غير خبر. انتهى (٥)، والله تعالى أعلم.


(١) "عون المعبود" ١٣/ ٢٠١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٢٠ - ١٢١.
(٣) حديث صحيح، أخرجه أحمد ١/ ٢٥٧ و ٣٠٤ و ٣١٩، وأبو داود (٣٩٢٠).
(٤) حديث صحيح، رواه الترمذيّ (١٦١٦).
(٥) "صحيح ابن حبان" ١٣/ ١٣٦.