حتى تجد ظهرًا"، كذلك لا يجوز أن يتزوّج أمته التي أعتقها؛ لأنه يكون رجوعًا، وهذا قياس فاسد؛ لمعارضته النصّ المذكور في هذا الحديث.
(فَقَالَ الشَّعْبِيُّ) ردًّا لهذا القياس الفاسد (حَدَّثَنِي أَبُو بُرْدَةَ بْنُ أَبِي مُوسَى) تقدّم الخلاف في اسمه (عَنْ أَبِيهِ) عبد الله بن قيس الأشعريّ - رضي الله عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "ثَلَاَثَةٌ) مبتدأٌ، سوّغ الابتداء به، وإن كان نكرةً، المضاف إليه، أو الوصف المقدّران؛ أي: ثلاثة رجال، أو ثلاثة من الرجال، وخبره جملة قوله:(يُؤْتَوْنَ) بالبناء للمفعول؛ أي: يؤتى كلّ واحد منهم (أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ: رَجُلٌ) بدل تفصيل من "ثلاثة"، أو بدل كلّ، إن نُظر إلى المجموع، وحكم المرأة الكتابية في ذلك حكم الرجل، كما هو مُطّرِدٌ في جُلّ الأحكام، حيث يدخلْنَ مع الرجال بالتبعية، إلا ما خَصّه الدليل، قاله في "الفتح"(١).
[تنبيه]: لا مفهوم للعدد المذكور، فقد وردت نصوص أخرى تدلّ على الزيادة على الثلاثة، سنوردها في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى -.
وقوله:(مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) صفة لـ "رجلٌ"، قال الطيبيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: قال الشارحون: المراد بأهل الكتاب نصرانيّ تنصّر قبل المبعث، أو بلوغ الدعوة إليه، وظهور المعجزة لديه، ويهوديّ تهوّد قبل ذلك، إن لم تُجعل النصرانيّة ناسخة لليهوديّة؛ إذ لا ثواب لغيره على دينه، فيُضاعفَ باستحقاقه ثواب الإيمان، ويدلّ على ذلك أنه وقع في رواية للبخاريّ - رَحِمَهُ اللهُ - بدل قوله:"آمن بنبيّه": "آمن بعيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -".
ويحتمل إجراؤه على عمومه؛ إذ لا يبعُدُ أن يكون طَرَيَانُ الإيمان به سببًا لقبول تلك الأعمال والأديان، وإن كانت منسوخة، كما ورد في الحديث أن مبرّات الكفّار وحسناتهم مقبولةٌ بعد إسلامهم.
قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الثاني هو الأولى، والله تعالى أعلم.
[فإن قلت]: أيُّ فائدة في ذكر "آمن بنبيّه"، وقد عُلِم ذلك من قوله:"من أهل الكتاب"؟.