[أُجيب]: بأنه للإشعار بعلّيّة الأجر، أي: سبب الأجرين الإيمان بالنبيين. انتهى كلام الطيبيّ بتصرّف (١).
وقال في "الفتح": لفظ "الكتاب" عامّ، ومعناه خاصّ؛ أي: المُنَزَّل من عند الله تعالى، والمراد به التوراة والإنجيل، كما تظاهرت به نصوص الكتاب والسنة، حيث يُطْلَقُ أهلُ الكتاب، وقيل: المراد به هنا الإنجيل خاصّة، إن قلنا: إن النصرانية ناسخة لليهودية، كذا قرره جماعة، ولا يُحتاج إلى اشتراط النسخ؛ لأن عيسى عليه الصلاة والسلام، كان قد أُرسل إلى بني إسرائيل بلا خلاف، فمَن أجابه منهم نُسِب إليه، ومَن كذَّبه منهم، واستَمَرّ على يهوديته، لم يكن مؤمنًا، فلا يتناوله الخبر؛ لأن شرطه أن يكون مؤمنًا بنبيّه.
نعم مَن دخل في اليهودية من غير بني إسرائيل، أو لم يكن بحضرة عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فلم تبلغه دعوته، يَصْدُق عليه أنه يهوديّ مؤمن؛ إذ هو مؤمن بنبيه موسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولم يُكَذِّب نبيًّا آخر بعده، فمن أدرك بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ممن كان بهذه المثابة، وآمن به، لا يُشكل أنه يدخل في الخبر المذكور، ومن هذا القبيل العرب الذين كانوا باليمن وغيرها، ممن دخل منهم في اليهودية، ولم تبلغهم دعوة عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؛ لكونه أُرسل إلى بني إسرائيل خاصّةً.
نعم الإشكال في اليهود الذين كانوا بحضرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثَبَت أن الآية الموافِقَة لهذا الحديث، وهي قوله تعالى:{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ}[القصص: ٥٤] نزلت في طائفة آمنوا منهم، كعبد الله بن سلام وغيره، ففي الطبرانيّ، من حديث رفاعة القُرَظِيّ قال: نزلت هذه الآيات فيّ، وفيمن آمن معي، وروى الطبرانيّ بإسناد صحيح، عن عليّ بن رفاعة القُرَظيّ قال: خرج عشرة من أهل الكتاب، منهم أبي رفاعةُ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فآمنوا به، فأُوذُوا، فنزلت: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢)} [القصص: ٥٢]، فهؤلاء من بني إسرائيل، ولم يؤمنوا بعيسى، بل استَمَرُّوا على اليهودية، إلى أن آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد ثَبَت أنهم يُؤْتَون أجرهم مرتين.
قال الطيبيّ: فيحتمل إجراء الحديث على عمومه؛ إذ لا يَبْعُد أن يكون