الأعلى (قَالَ سُفْيَانُ) بن عيينة (مِثْلُ شَاهَانْ شَاهْ) هو بالفارسيّة مَلِكُ الأملاك، ثم إن ظاهر هذه الرواية أن هذا التفسير من سفيان نفسه، ووقع عند البخاريّ بلفظ:"قال سفيان: يقول غيره: تفسيره شاهان شاه"، ومعنى يقول غيره: أي: غير أبي الزناد، قال في "الفتح": فلعل سفيان قاله مرّة نقلًا، ومرة من قِبَل نفسه، وقد أخرجه الإسماعيليّ من رواية محمد بن الصباح، عن سفيان مثله، وزاد مثل ذلك: الصين وشاهان شاه، بسكون النون، وبهاء في آخره، وقد تُنوّن، وليست هاء تأنيث، فلا يقال بالمثناة أصلًا.
وقد تعجب بعض الشراح من تفسير سفيان بن عيينة اللفظة العربية باللفظة العجمية، وأنكر ذلك آخرون، وهو غفلة منهم عن مراده، وذلك أن لفظ شاهان شاه كان قد كُثُر التسمية به في ذلك العصر، فنَبَّه سفيان على أن الاسم الذي ورد الخبر بذمّه لا ينحصر في ملك الأملاك، بل كل ما أدَّى معناه بأيّ لسان كان فهو مرادٌ بالذمّ، ويؤيد ذلك أنه وقع عند الترمذيّ:"مثل شاهان شاه".
وقوله:"شاهان شاه" هو المشهور في روايات هذا الحديث، وحَكَى عياض عن بعض الروايات:"شاه شاه" بالتنوين بغير إشباع في الأُولى، والأصل هو الأولى، وهذه الرواية تخفيف منها، وزعم بعضهم أن الصواب: شاه شاهان، وليس كذلك؛ لأن قاعدة العجم تقديم المضاف إليه على المضاف، فإذا أرادوا قاضي القضاة بلسانهم قالوا: موبذان موبذ، فموبذ هو القاضي، وموبذان جَمْعه، فكذا شاه هو الملِك، وشاهان هم الملوك.
وقال القاضي عياض: استَدَلّ به بعضهم على أن الاسم غير المسمى، ولا حجة فيه، بل المراد مِنْ الاسم صاحب الاسم، وتدلّ عليه رواية همام:"أغيظ رجل"، فكأنه مِنْ حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه، ويؤيده قوله:"تَسَمَّى"، فالتقدير: إن أخنع اسمٍ اسمُ رجل تسمى، بدليل الرواية الأخرى:"وإن أخنع الأسماء". انتهى (١).
وقال النوويّ رحمه الله: وأما قوله: "قال سفيان: مثل شاهان شاه" فكذا هو في جميع النُّسخ، قال القاضي: وقع في رواية: شاه شاه، قال: وزعم بعضهم