للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان أن التسمي بملك الأملاك حَرَام، قال النوويّ رحمه الله: وكذلك التسمي بأسماء الله تعالى المختصّة به؛ كالرحمن، والقدّوس، والمهيمن، وخالق الخلق، ونحوها (١).

٢ - (ومنها): ما قاله في "الفتح": استُدِلّ بهذا الحديث على تحريم التسمي بهذا الاسم؛ لورود الوعيد الشديد، ويَلتحق به ما في معناه مثل: خالق الخلق، وأحكم الحاكمين، وسلطان السلاطين، وأمير الأمراء، وقيل: يلتحق به أيضًا من تسمى بشيء من أسماء الله الخاصّة به؛ كالرحمن، والقدّوس، والجبار، وهل يلتحق به من تسمى قاضي القضاة، أو حاكم الحكام؟ اختَلَف العلماء في ذلك، فقال الزمخشريّ في قوله تعالى: {أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ} [هود: ٤٥]؛ أي: أعدل الحكام، وأعلمهم؛ إذ لا فضل لحاكم على غيره إلا بالعلم، والعدل، قال: ورُبّ غريق في الجهل، والجَوْر من مقلدي زماننا قد لُقِّب أقضى القضاة، ومعناه أحكم الحاكمين، فاعتَبِر، واستَعبِرْ.

وتعقبه ابن الْمُنَيِّر بحديث: "أقضاكم عليٌّ"، قال: فيستفاد منه أن لا حرج على من أَطلق على قاض يكون أعدل القضاة، أو أعلمهم في زمانه: أقضى القضاة، أو يريد إقليمه، أو بلده، ثم تكلم في الفرق بين قاضي القضاة، وأقضى القضاة، وفي اصطلاحهم على أن الأول فوق الثاني، وليس من غرضنا هنا.

وقد تَعَقَّب كلام ابن المنَيِّر علمُ الدين العراقيّ، فصوَّب ما ذكره الزمخشريّ من المنع، ورَدَّ ما احتجّ به، من قضية عليّ - رضي الله عنه - بأن التفضيل في ذلك وقع في حقّ من خوطب به، ومن يلتحق بهم، فليس مساويًا لإطلاق التفضيل بالألف واللام، قال: ولا يخفى ما في إطلاق ذلك من الجراءة، وسوء الأدب، ولا عبرة بقول مَن ولي القضاء، فنُعِت بذلك، فلَذَّ في سمعه، فاحتال في الجواز، فإن الحقّ أحقّ أن يُتَّبَع. انتهى كلامه.

ومن النوادر أن القاضي عزّ الدين ابن جماعة قال: إنه رأى أباه في


(١) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٢٢.