المنام، فسأله عن حاله، فقال: ما كان عليّ أضرّ من هذا الاسم، فأمر الموقِّعين أن لا يكتبوا له في السجلات: قاضي القضاة، بل: قاضي المسلمين، وفَهِم من قول أبيه أنه أشار إلى هذه التسمية، مع احتمال أنه أشار إلى الوظيفة، قال الحافظ: بل هو الذي يترجح عندي، فإن التسمية بقاضي القضاة وُجدت في العصر القديم من عهد أبي يوسف، صاحب أبي حنيفة.
قال الجامع عفا الله عنه: في ترجيح الحافظ إرادة الوظيفة بما ذَكَره نَظَرٌ لا يخفى؛ إذ الوظيفة نفسها وُجدت من العصر القديم، فما الفرق بينهما؟ فتأمل بالإمعان، والله تعالى أعلم.
قال: وقد منع الماورديّ من جواز تلقيب المَلِك الذي كان في عصره بملك الملوك، مع أن الماورديّ كان يقال له: أقضى القضاة، وكأن وجه التفرقة بينهما الوقوف مع الخبر، وظهور إرادة العهد الزمانيّ في القضاة.
وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة: يَلتحق بملِك الأملاك: قاضي القضاة، وإن كان اشتهر في بلاد الشرق من قديم الزمان إطلاق ذلك على كبير القضاة، وقد سَلِم أهل المغرب من ذلك، فاسم كبير القضاة عندهم: قاضي الجماعة. انتهى (١).
٣ - (ومنها): ما قاله ابن أبي جمرة رحمه الله: وفي الحديث مشروعية الأدب في كل شيء؛ لأن الزجر عن ملِك الأملاك، والوعيد عليه يقتضي المنع منه مطلقًا، سواء أراد من تسمى بذلك أنه ملِك على ملوك الأرض، أم على بعضها، سواء كان مُحِقًّا في ذلك أم مبطلًا، مع أنه لا يخفى الفرق بين من قَصَد ذلك، وكان فيه صادقًا، ومن قَصَده، وكان فيه كاذبًا. انتهى، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٥٥٩٩]( … ) - (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -،