للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَذَكَرَ أَحَادِيثَ، مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَغْيَظُ رَجُلٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَة، وَأَخْبَثُهُ، وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ رَجُلٌ كَانَ يُسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاك، لَا مَلِكَ إِلَّا الله").

رجال هذا الإسناد: خمسة:

١ - (مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ) النيسابوريّ، تقدّم قريبًا.

٢ - (عَبْدُ الرَّزَّاقِ) بن همّام الصنعانيّ، تقدّم أيضًا قريبًا.

٣ - (مَعْمَرُ) بن راشد الصنعانيّ، تقدّم أيضًا قريبًا.

٤ - (هَمَّامُ بْنُ مُنَبِّهِ) بن كامل، أبو عقبة الصنعانيّ، ثقةٌ [٤] (ت ١٣٢) على الصحيح (ع) تقدم في "الإيمان" ٢٦/ ٢١٣.

و"أبو هريرة - رضي الله عنه -" ذُكر قبله.

وقوله: (فَذَكَرَ أَحَادِيثَ) فاعل "ذَكَر" ضمير همّام بن منبّه.

وقوله: (مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) "منها" جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف؛ لوقوعه خبرًا مقدّمًا؛ أي: كائن منها، وقوله: "وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" مبتدأ مؤخّر محكيّ؛ لِقَصْد لفظه.

(أَغْيَظُ رَجُلٍ)؛ أي: الرجل الذي يشتدّ عليه غضب الله تعالى، قال القرطبيّ: والغيظ المضاف إلى الله تعالى هو عبارة عن غضبه، وقد تقدَّم أن غضب الله تعالى عبارة عن عقوبته الْمُنَزَّلة بمن يستحقها. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: تأويل القرطبيّ للغضب بما ذكره، وكذا ما نقله النوويّ في "شرحه" عن الماورديّ أنه قال: أغيظ هنا مصروف عن ظاهره، والله سبحانه وتعالى لا يوصف بالغيظ، فيُتأول هنا الغيظ على الغضب، وسبق شرح معنى الغضب، والرحمة في حق الله سبحانه وتعالى. انتهى (٢).

كلّ ذلك مخالف لِمَا عليه السلف من إثبات صفات الغضب، والمقت، والغيظ، ونحوها مما جاء في النصوص الصحيحة، على ما يليق بجلاله سبحانه وتعالى وعدم تأويلها، ومما يؤيّد بطلان تأويلها أن المعنى الذي أُوّلت إليه يلزم من إثباته التشبيه الذي فرّوا منه، فهم يفرون من ورطة، ويقعون في أخرى، فليَتنبّه


(١) "المفهم" ٥/ ٤٥٤.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٢١.