للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

العاقل، ولا يغترّ بكثرة القائلين من المتأخرين، فإن الحقّ ليس بالكثرة، وإنما هو بدليله، وحجته، فقد قال الله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} الآية [النساء: ٥٩]، فإذا رددناه إلى الكتاب فقد أثبته، ولم يأمر بتأويله، وكذا إذا رددناه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإن سننه الصحيحة مملوءة بإثبات هذه الصفات، ولم يُنقل عنه - صلى الله عليه وسلم - حرف واحد في التأويل، مع أن مجالسه - صلى الله عليه وسلم - حينما حدّث بهذه الأحاديث مشتملة على الأعراب وغيرهم من الجهلة، فلو كان التأويل صحيحًا لَمَا سكت النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن بيانه لهؤلاء الأعراب، ونحوهم، فتبصّر بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) قال القسطلّانيّ رحمه الله: التقييد بيوم القيامة مع أن حُكمه في الدنيا كذلك؛ للإشعار بترتّب ما هو مسبَّب عنه، من إنزال الهوان، وحلول العقاب. انتهى (١).

وقوله: (وَأَخْبَثُهُ)؛ أي: أشدّه خُبثًا، والخبث: هو الاسترذال، والخِسَّة، والرَّداءة.

(وَأَغْيَظُهُ عَلَيْهِ) قال القاري رحمه الله: هو اسم تفضيل بُني للمفعول؛ أي: أكثر من يُغضب عليه، ويُعاقب. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يجوز بناء اسم التفضيل من الفعل المبنيّ للمفعول، هكذا نصّوا في كتب النحو، ولكن قيّده في "حاشية الخضريّ" بما فيه خوف اللَّبس، فيُمنع، وأَمْنه بأن كان مجهولًا لزومًا، فيجوز، كأنت أزهى من ديك، وأعنى بحاجتك، وكذا مع القرينة، كهو أشغل من ذات النحيين؛ أي: أكثر مشغوليّةً، وليس هذا من المجهول لزومًا، خلافًا لبدر الدين بن مالك، بدليل قوله تعالى: {شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا} [الفتح: ١١]. انتهى (٣).


(١) راجع: "هامش النسخة التركيّة" ٦/ ١٧٤.
(٢) "المرقاة" ٨/ ٥١٥.
(٣) "حاشية الخضريّ على شرح ابن عقيل على الخلاصة" ٢/ ٧٣.