فأخذوه، فكأنهم وَجَدوا في أنفسهم"، زاد حماد في روايته، عن ثابت: "فأبوا أن يردّوها، فقال أبو طلحة: ليس لهم ذلك، إن العارية مؤداةٌ إلى أهلها -ثم اتفقا- فقالت: إن الله أعارنا فلانًا، ثم أخذه منا -زاد حماد- فاسترجع".
(فَلَمَّا أَصْبَحَ)؛ أي: دخل في الصباح، (أَبُو طَلْحَةَ) -رضي الله عنه- (أَتَى رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَأَخْبَرَهُ) وفي رواية البخاريّ: "فصلّى مع النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، ثم أخبره بما كان منهما"، (فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("أَعْرَسْتُمُ اللَّيْلَةَ؟ ") استفهام محذوف الأداة، والعين ساكنة، من الإعراس، وهو الوطء، يقال: أعرس بأهله: إذا غشيها، ووقع في رواية الأصيليّ: "أَعَرَّستم" بفتح العين، وتشديد الراء، وقال عياض: هو غلط؛ لأن التعريس النزول في آخر الليل، ورُدّ عليه بأنه لغة يقال: أعرس، وعَرَّس: إذا دخل بأهله، والأفصح أعرس، قال ابن التيميّ في "كتاب التحرير" في شرح مسلم له: وهذا السؤال للتعجب من صُنعهما، وصبرهما، وسروره بحسن رضائها بقضاء الله تعالى، قاله في "العمدة"، والفتح"(١).
(قَالَ) أبو طلحة (نَعَمْ) أعرسنا، (قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا) وفي الرواية الآتية في "الفضائل": "بارك الله لكما في غابر ليلتكما"؛ أي: في ليلتكما الماضية، وفي رواية البخاريّ: "لعلّ الله أن يبارك لكما في ليلتكما"، قال في "الفتح": ولا تعارض بينهما، فيُجمع بأنه دعا بذلك، ورجا إجابة دعائه، ولم تختلف الرواة عن ثابت، وكذا عن حميد في أنه قال: "بارك الله لكما في ليلتكما"، وتبيّن من الرواية الأُولى أن المراد بهذا الدعاءُ، وإن كان لفظه لفظ الخبر.
[تنبيه]: زاد في رواية ابن عيينة عند البخاريّ: "قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيت لهما تسعة أولاد كلّهم قد قرأ القرآن".
وقوله: "فقال رجل من الأنصار … إلخ" هو عَبَاية بن رفاعة؛ لِمَا أخرجه سعيد بن منصور، ومسدَّد، وابن سعد، والبيهقىّ في "الدلائل" كلهم من طريق سعيد بن مسروق، عن عَبَاية بن رفاعة، قال: كانت أم أنس تحت أبي طلحة، فذكر القصّة شبيهة بسياق ثابت، عن أنس، وقال في آخره: فولدت له
(١) "عمدة القاري" ٢١/ ٨٥، و"الفتح" ١٢/ ٤٠٢، كتاب "العقيقة" رقم (٥٤٧٠).