للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نِفَاسٌ بالكسر، ومثله عُشَراء وعِشَار، وبعض العرب يقول: نَفِسَتْ تَنْفَسُ، من باب تَعِبَ، فهي نَافِسٌ، مثل حائض، والولد مَنْفُوسٌ، والنِّفَاسُ بالكسر أيضًا اسم من ذلك، ونَفِسَتْ تَنْفَسُ، من باب تَعِبَ: حاضت، ونقل عن الأصمعيّ: نُفِسَتْ بالبناء للمفعول أيضًا، وليس بمشهور في الكتب في الحيض، ولا يقال في الحيض: نُفِسَتْ بالبناء للمفعول، وهو من النَّفْسِ، وهو الدم، ومنه قولهم: لا نَفْسَ له سائلة؛ أي: لا دم له يجري، وسُمِّي الدم نَفْسًا؛ لأن النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قِوَامُها بالدم، والنُّفَسَاءُ من هذا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تلخّص مما سبق أن نُفست المرأة بمعنى وَلَدت، كما في هذا الحديث المشهور فيه أنه بصيغة المبنيّ للمفعول، ويقلّ بناؤه للفاعل، وأما نَفِسَتْ بمعنى حاضت، فإن المشهور فيه بناؤه للفاعل، من باب تَعِبَ، ويقلّ بناؤه للمفعول، والله تعالى أعلم.

(بِعَبْدِ اللهِ) بن الزبير -رضي الله عنهما-، متعلّق بـ "نُفست"، (بِقُبَاءٍ) متعلّق أيضًا بـ "نُفست"، والباء فيه بمعنى "في"؛ لئلا يتعلّق حرفا جرّ، وهما متّحدان لفظًا ومعنى بفعل واحد، فتنبّه.

(ثُمَّ خَرَجَتْ)؛ أي: من قباء إلى المدينة، (حِينَ نُفِسَتْ)؛ أي: حين ولدت، والمراد بعد ولادتها، (إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) لأنه كان بالمدينة، (لِيُحَنِّكَهُ)؛ أي: ليضع في فيه التمرة، ويدلك بها حنكه، (فَأَخَذَهُ)؛ أي: عبدَ الله، (رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مِنْهَا)؛ أي: من يد أسماء -رضي الله عنها-، (فَوَضَعَهُ) -صلى الله عليه وسلم- (فِى حَجْرِهِ) قال المجد -رحمه الله-: الْحِجْر بالكسر: ما بين يديك من ثوبك. انتهى (٢)، وقال الفيّوميّ: حجر الإنسان بالفتح، وقد يُكسر: حِضْنُهُ، وهو ما دون إبطه إلى الْكَشْح، وهو في حَجْره؛ أي: كَنَفه، وحمايته، والجمع حُجُور. انتهى (٣).

وقال ابن الأثير -رحمه الله-: الْحجر بالفتح، والكسر: الثوب، والْحِضْن، والمصدر بالفتح لا غير، وقال أيضًا: حجر الثوب طرفه المقدّم. انتهى (٤).

(ثُمَّ دَعَا)؛ أي: طلب -صلى الله عليه وسلم- (بِتَمْرَةٍ، قَالَ) عروة (قَالَتْ عَائِشَةُ) -رضي الله عنها-، وهذا


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٦١٧.
(٢) "القاموس المحيط" ص ٢٦٥.
(٣) "المصباح المنير" ١/ ١٢٢.
(٤) "النهاية في غريب الأثر" ص ١٨٨.