للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه أن عروة روى هذا الحديث عن عائشة -رضي الله عنها-، كما رواه عن أمه أسماء -رضي الله عنها-، ويوضّح ذلك أن المصنّف أفرد روايته عن عائشة بعد هذا من طريق علىّ بن مسهر عن هشام، لكن لم يَسُق المتن تمامًا، بل أحاله على ما قبله، وساقه البخاريّ، من طريق أبي أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: أولُ مولود ولد في الإسلام عبد الله بن الزبير، أتوا به النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فأخذ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تمرةً، فلاكها، ثم أدخلها في فيه، فأول ما دخل بطنه ريقُ النبيّ - صلى الله عليه وسلم-. انتهى (١).

(فَمَكَثْنَا) بفتح الكاف، وتُضمّ؛ أي: لبِثنا، يقال: مَكَثَ مَكْثًا، من باب نصر: أقام، وتَلَبّث، فهو مَاكِثٌ، ومَكُثَ مُكْثًا، فهو مَكِيثٌ، مثلُ قَرُب قُرْبًا، فهو قريب لغةٌ، وقرأ السبعة: (فَمَكُثَ غَيْرَ بَعِيدٍ) باللغتين، ويتعدى بالهمزة، فيقال: أَمْكَثَهُ، وتَمَكَّثَ في أمره: إذا لم يَعْجَل فيه، قاله الفيّوميّ -رحمه الله- (٢).

(سَاعَةً) ظرف لِمَا قبله، (نَلْتَمِسُهَا)؛ أي: نطلب التمرة (قَبْلَ أَنْ نَجِدَهَا) وفي حديث عائشة الآتي: "فطلبنا تمرةً، فعزّ علينا طلبها"، وذلك إما لقلّة اليد، أو لكونهم في زمن لا يتوافر فيه التمر. (فَمَضَغَهَا)؛ أي: ثمّ وجدناها، فمضغها؛ أي: لاكها بسنّه، يقال: مضغتُ الطعامَ مضغًا، من بابي نفع، ونصر: عَلَكْتُهُ؛ أي: لُكته بسنّي، (ثُمَّ بَصَقَهَا)؛ أي: تفلها (فِي فِيهِ)؛ أي: في فم عبد الله -رضي الله عنه-، (فَإِنَّ أَوَّلَ شَيْءٍ دَخَلَ بَطْنَهُ)؛ أي: بطن عبد الله، (لَرِيقُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) وهذا الكلام يَحْتَمل أن يكون من تمام كلام عائشة -رضي الله عنها-، وهو الظاهر، كما يدلّ تعبيره بعده بـ "ثُمّ"، ويَحتمل أن يكون من كلام أسماء -رضي الله عنها-.

(ثُمَّ قَالَتْ أَسْمَاءُ) -رضي الله عنها-: (ثُمَّ مَسَحَهُ) النبيّ -صلى الله عليه وسلم- تبريكًا، (وَصَلَّى عَلَيْهِ)؛ أي: دعا له (وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ، ثُمَّ جَاءَ) عبد الله -رضي الله عنه- (وَهُوَ ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ، أَوْ ثَمَانٍ) "أو" للشكّ من الراوي، (لِيُبَايعَ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) تبرّكًا بمبايعته -صلى الله عليه وسلم-، (وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ الزُّبَيْرُ)؛ يعني: أن عبد الله إنما أتى للبيعة لِأَمْر أبيه له بها، (فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-)؛ أي: فرَحًا بمجيئه للبيعة، وقال الأبيّ: وقد يكون تعجّبًا مما يقع به في المستقبل، فإنه بعد ثمان سنين من خلافته حصره الحَجَّاج


(١) "صحيح البخاريّ" ٣/ ١٤٢٣.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٧.