للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بمكة، وقتله، وصلبه، ومرّ به ابن عمر، وهو كذلك، فقال: لقد كنت أنهاك. انتهى (١). (حِينَ رَآهُ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، ثُمَّ بَايَعَهُ) -صلى الله عليه وسلم-، قال النوويّ -رحمه الله-: هذه بيعة تبريك، وتشريف، لا بيعة تكليف؛ لأنه غير بالغ. انتهى (٢). والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "ثمَّ مسحه، وصلَّى عليه"؛ يعني: مسحه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بيده عند الدعاء له، كما كان -صلى الله عليه وسلم- يمسحُ بيده عند الرُّقَى، وفيه دليل على استحباب ذلك، وفِعْله على جهة التبريك رجاء الاستشفاء، وقبول الدعاء. ومعنى: "صلَّى عليه" دعا له بالخير، والبركة، كما جاء في الرواية الأخرى مفسَّرًا، وقد ظهرت بركة ذلك كلِّه على عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما-، فإنه كان من أفضل الناس، وأشجعهم، وأعدلهم في خلافته -صلى الله عليه وسلم-، وقَتَلَ قاتله (٣)، وتبسُّم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعبد الله، ومبايعته له فَرَحٌ به، وإنهاض له؛ حيث ألحقه بنمط الكبار الحاصلين على تلك البيعة الشريفة، والمنزلة المنيفة، ففيه جواز مبايعة من يعقل من الصِّغار، وتمرينهم على ما يخاطَب به الكبار. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانيه): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٥/ ٥٦٠٤ و ٥٦٠٥ و ٥٦٠٦] (٢١٤٦)، و (البخاريّ) في "الفضائل" (٣٩٠٩) و"العقيقة" (٥٤٦٩)، و (أحمد) في "مسنده" (٦/ ٣٤٧)، و (ابن أبي عاصم) في "الآحاد والمثاني" (١/ ٤١٣)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٦/ ٢٠٤) و"شُعب الإيمان" (٦/ ٣٩٣)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:


(١) "شرح الأبىّ" ٥/ ٤٢٣.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٢٦.
(٣) هذا دعاء من القرطبىّ على الحجاج بن يوسف قاتل عبد الله بن الزبير، وهذا مما لا ينبغي؛ لأن القتل معناه اللعن، والدعاء باللعن على مثله محلّ نظر؛ فالأولى واللائق في الحجاج تفويض أمره إلى الله -عزَّ وجلَّ-، فليُتنبّه، والله تعالى أعلم.
(٤) "المفهم" ٥/ ٤٦٨ - ٤٦٩.