قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله القرطبىّ -رحمه الله- هو الحقّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
ومن الفوائد التي لم يذكرها ابن القاصّ، ولا غيره في قصة أبي عمير، أن عند أحمد في آخر رواية عُمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس:"فمَرِض الصبىّ، فهلك … "، فذكر الحديث في قصة موته، وما وقع لأم سليم من كتمان ذلك عن أبي طلحة، حتى نام معها، ثم أخبرته لمّا أصبح، فأخبر النبىّ -صلى الله عليه وسلم- بذلك فدعا لهما، فحَمَلت، ثم وضعت غلامًا، فأحضره أنس إلى النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فحنّكه، وسمّاه عبد الله، وقد تقدم شرح ذلك مستوفًى في الباب الماضي، ولله الحمد والمنّة.
[تنبيه]: وقد جزم الدمياطيّ في أنساب الخزرج بأن أبا عمير مات صغيرًا، وقال ابن الأثير في ترجمته في "الصحابة": لعله الغلام الذي جرى لأم سليم، وأبي طلحة في أمره ما جرى، وكأنه لم يستحضر رواية عمارة بن زاذان المصرِّحة بذلك، فذكره احتمالًا، قال الحافظ: ولم أر عند من ذُكر أبا عمير في الصحابة له غير قصة النغير، ولا ذكروا له اسمًا، بل جزم بعض الشرّاح بأن اسمه كنيته، فعلى هذا يكون ذلك من فوائد هذا الحديث، وهو جعل الاسم المصدَّر بأب، أو أم اسمًا عَلَمًا من غير أن يكون له اسم غيره، لكن قد يؤخذ من قول أنس في رواية رِبْعىّ بن عبد الله يكنى: أبا عمير؛ أن له اسْمًا غير كنيته.
وأخرج أبو داود، والنسائىّ، وابن ماجه، من رواية هُشيم عن أبي عمير بن أنس بن مالك، عن عمومة له حديثًا، وأبو عمير هذا ذكروا أنه كان أكبر ولد أنس، وذكروا أن اسمه عبد الله، كما جزم به الحاكم أبو أحمد وغيره، فلعلّ أنسًا سمّاه باسم أخيه لأمه، وكناه بكنيته، ويكون أبو طلحة سمّى ابنه الذي رزقه خَلَفًا من أبي عمير باسم أبي عمير، لكنه لم يكنه بكنيته، والله أعلم.
قال الحافظ: ثم وجدت في كتاب النساء لأبي الفرج ابن الجوزيّ قد أخرج في أواخره في ترجمة أم سليم، من طريق محمد بن عمرو، وهو أبو سهل البصريّ، وفيه مقال، عن حفص بن عبيد الله، عن أنس، أن أبا طلحة زوج أم سليم، كان له منها ابن يقال له: حفص غلامٌ قد ترعرع، فأصبح أبو