للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِنْصابًا. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من "القاموس"، و"شرحه" أن "يُنصب" هنا يجوز ضمّ أوله من الإنصاب رباعيًّا، ويجوز فتحه، من النَّصْب ثلاثيًّا، من باب ضرب، وكلاهما معناه: أتعبه، والمعنى: أيّ شيء يُتعبك منه؟ أي: لا ينال منه مكروه؛ لأنه لا يخرج في حياتك، بل إنما يخرج في آخر الزمان، فلا تَخَفْ شرّه، والله تعالى أعلم.

وقال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "وما يُصيبك منه؟ إنه لن يضرَّك"؛ أي: ما يصيبك منه من النَّصَب والمشقَّة، وهكذا رواية الكافة، وعند الهوزنيّ: "ما يُنضيك": بالضاد المعجمة، والياء باثنتين من تحتها، وكأنه من جهة قولهم: جمل نِضْوٌ؛ أي: هَزِيل، وأنضاه السَّير؛ أي: أهزله، والأول أصح رواية ومعنى. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": قوله: "وما ينصبك منه" بنون، وصاد مهملة، ثم موحّدة، من النَّصَب، بمعنى التعب، وفي الرواية الآتية لمسلم في "الفتن" من طريق هشيم، عن إسماعيل: "وما سؤالك عنه؟ "؛ أي: وما سبب سؤالك عنه؟ وقال أبو نعيم في "المستخرج": معنى قوله: "ما ينصبك؟ "؛ أي: ما الذي يَغُمّك منه، من الغمّ حتى يهولك أمره؟ قال الحافظ: وهو تفسير باللازم، وإلا فالنصب: التعب وزنه ومعناه، ويُطلق على المرض؛ لأن فيه تعبًا، قال ابن دريد: يقال: نصبه المرض، وأنصبه، وهو تَغَيّر الحال، من تعب، أو وجع. انتهى (٣).

(إِنَّهُ)؛ أي: الدجّال (لَنْ يَضُرَّكَ")، وفي الرواية في "الفتن" من طريق إبراهيم بن حميد، عن إسماعيل: "إنه لا يضرّك وفي رواية البخاريّ: "وأنه قال لي: ما يضرّك منه؟ ".

قال القرطبيّ -رحمه الله-: قوله: "إنه لن يضرّك" يَحْتَمِل أن يريد: لأنك لا تدرك زمان خروجه، ويَحْتَمِل أن يكون إخبارًا منه بأنه يُعْصَم من فتنته، ولو أدرك


(١) "تاج العروس" ١/ ٩٧١.
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٧٢،
(٣) "الفتح" ١٦/ ٥٧٤، كتاب "الفتن" رقم (٧١٢٢).