للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيل: لضربه نواحيَ الأرض، يقال: دَجَلَ مخفّفًا، ومشدّدًا: إذا فَعَل ذلك، وقيل غير ذلك (١)، وسيأتي تمام البحث فيه في موضعه من "كتاب الفتن" -إن شاء الله تعالى-.

(أكْثَرَ مِمَّا سَأَلْتُهُ عَنْهُ) ولفظ البخاريّ: "ما سأل أحد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عن الدّجال ما سألته"، قال القرطبيّ -رحمه الله-: وسؤال المغيرة -رضي الله عنه- عن الدجال إنما كان لِمَا سمع من عظيم فتنته، وشدَّة محنته، فأجابه -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "وما يُصيبك منه؟ إنه لن يضرَّك"؛ أي: ما يصيبك منه من النَّصَب والمشقَّة. انتهى (٢).

(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- (لِي: "أَيْ بُنَيَّ) فيه جواز قول الإنسان لغير ابنه: يا بُنيّ تلطّفًا، وشفقةً، (وَمَا يُنْصِبُكَ مِنْهُ؟) "ما" استفهاميّة إنكاريّة، ويُنصب بضمّ أوله، وفتحه، من الإنصاب، أو النَّصَب، وهو التعب والمشقّة؛ أي: ما يشقّ عليك، ويُتعبك منه؟.

قال في "القاموس"، و"شرحه": نَصِبَ؛ كفَرِحَ: أَعْيا، وتَعِبَ، وأَنْصَبَه هو، وأَنْصَبَني هذا الأَمْرُ، وهَمٌّ ناصِبٌ: مُنْصِبٌ، وهو الصَّحِيح فهو فاعِلٌ بمعنى مُفْعِل؛ كمكانٍ باقِلٍ، بمعنى مُقْبِل، قال ابْنُ بَرِّيّ: وقيل: ناصِبٌ بمعَنى المنصوب، وقيلَ بمعنَى ذو نَصَبٍ، مثل تامِرٍ، ولابِنٍ، وهو فاعِلٌ بمعنى مفعول؛ لَأَنَّه يُنْصَب فيه، ويُتْعَب، وفي الحديث: "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي يُنْصِبنِي ما أَنْصَبَهَا" (٣)؛ أَي: يُتْعبني ما أَتْعَبَها، والنَّصَبُ: التَّعَب، وقيلَ: المَشَقَّةُ؛ قال النّابغة [من الطويل]:

كِلِينِي لِهَمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصِبٍ

أَي: ذِي نَصَبٍ، مثلُ: لَيْلٌ نائمٌ: ذُو نَوْمٍ ينام فيه، قال: أو سُمِعَ: نَصَبَه

الهَمُّ ثُلاثِيًّا متعديًا: بمعنى أتْعَبَهُ، حكاه أَبو عليّ في "التَّذْكِرة"، والنَّصِبُ

كَكَتِف: المرِيضُ الوَجِعُ، قد نَصَبَه المَرَضُ يَنْصِبُهُ بالكَسر: أَوْجَعَهُ، كَأَنْصَبَهُ


(١) "الفتح" ١٦/ ٥٧٤، كتاب "الفتن" رقم (٧١٢٢).
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٧٢.
(٣) متّفقٌ عليه بلفظ: "يُريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها"، وأما بهذا اللفظ ففي رواية الترمذيّ برقم (٣٨٦٩).