للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحكم بن أبي العاص، وهو يقول: اطَّلَع عليّ، وأنا مع زوجتي فلانة، فكلح في وجهي"، وهذا ليس صريحًا في المقصود هنا.

ووقع في "سنن أبي داود" من طريق هُزيل بن شُرَحبيل: "قال: جاء سعد، فوقف على باب النبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، فقام يستأذن على الباب، فقال: هكذا عنك، فإنما الاستئذان من أجل البصر"، وهذا أقرب إلى أن يُفَسَّر به المبهم الذي في حديث الباب، ولم يُنْسَب سعد هذا في رواية أبي داود، ووقع في رواية الطبرانيّ أنه سعد بن عُبادة، والله أعلم. انتهى (١).

(اطَّلَعَ)؛ أي: نظر من عُلْو (فِي جُحْرٍ) -بضم الجيم، وسكون الحاء المهملة-: هي الخرق، وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الْجُحْرُ: واحد الْجِحَرة، وهي مكامن الوحش، ولَمّا كانت نقبًا في الأرض سُمّي بذلك النقب في الباب، وفي الحائط، وغير ذلك. انتهى (٢).

وقوله: (فِي بَابِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) متعلّق بصفة لـ "جُحْرٍ أي: كائنٍ في جُحْر، وقوله: (وَمَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِدْرًى) جملة حاليّة من الفاعل، و "المدرى" -بكسر الميم، وسكون الدال المهملة، وبالقصر- هي حديدة يُسَوَّى بها شعر الرأس، وقيل: هو شبه الْمُشط، وقيل: هي أعواد تُحَدَّد تُجعل شبه الْمُشط، وقيل: هو عُود تُسَوِّي به المرأة شعرها، وجَمْعه المَدَارِي، ويقال في الواحد: مِدراة أيضًا، ومِدراية أيضًا، ويقال: تَدَرّيتُ بالْمِدرَي، قاله النوويّ -رَحِمَهُ اللهُ- (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: الْمِدرَى بالدال المهملة: واحد الْمَدارِي، قال ثابت: هي الأمشاط، وفي هذا التفسير تسامح، وأوضح منه، وأصحّ، قول النضر بن شُميل، وابن كيسان: إنَّه عُودٌ، أو عاجٌ تَنْشُر به المرأة شعرها، وتُجعِّده، قال امرؤ القيس [من الطويل]:

غَدائِرُه مُسْتَشْزِرات إلى العُلا … تَضِلُّ الْمَدَارِي فِي مُثَنًّى وَمُرْسَلِ

ومؤنثه: مدراة، وقد عبّر عنه في الرواية الأخرى: بِمِشْقَص، وبمشاقص، وقد قلنا: إن المشقص نَصْلٌ عريض، وقيل: هو السِّكين، فَيَحْتَمِل أن يكون


(١) "الفتح" ١٦/ ٩٩ - ١٠٠، كتاب "الديات" رقم (٦٩٠١).
(٢) "المفهم" ٥/ ٤٧٩.
(٣) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٢٧ - ١٣٦.