للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمعنى: "إنما جُعل الإذن من أجل البصر": أي: إنما شُرع الاستئذان من أجل رؤية البصر؛ لأنَّ المستأذِنَ لو دخل بغير إذنٍ لرأى بعض ما يَكرَه من يدخل إليه أن يطّلع عليه، وقد ورد التصريح بذلك فيما أخرجه البخاريّ في "الأدب المفرد"، وأبو داود، والترمذيّ، وحسّنه من حديث ثوبان -رضي الله عنه- رفعه: "لا يَحِلّ لامرئ مسلم أن ينظر إلى جوف بيتٍ حتى يستأذن، فإن فَعَل فقد دخل"؛ أي: صار في حكم الداخل، وللَأوَّلَين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- بسند حسن، رفعه: "إذا دخل البصر، فلا إذن"، وأخرج البخاريّ أيضًا، عن عمر -رضي الله عنه- من قوله: "مَن ملأ عينه من قاع بيتٍ قبل أن يؤذن له، فقد فَسَقَ"، ذكره في "الفتح" (١).

وذكر أيضًا: أنه وقع عند أبي داود سبب آخرُ من حديث سعد -كذا عنده مبهمٌ- وهو عند الطبرانيّ عن سعد بن عُبادة: جاء رجل، فقام على باب النبيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يستأذن مستقبل الباب، فقال له: "هكذا عنك، فإنما الاستئذان من أجل النظر"، وأخرج أبو داود بسند قويّ من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: "كان الناس ليس لبيوتهم ستورٌ، فأمرهم الله بالاستئذان، ثم جاء الله بالخير، فلم أر أحدًا يعمل بذلك"، قال ابن عبد البرّ: أظنهم اكتَفَوا بقرع الباب.

وله من حديث عبد الله بن بُسْر -رضي الله عنه-: "كان رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أتى باب قوم لَمْ يستقبل الباب، من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن، أو الأيسر، وذلك أن الدُّور لَمْ يكن عليها ستور". انتهى (٢)، والله تعالى أعلم.

مسائل تتعلَّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سهل بن سعد الساعديّ -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [١٠/ ٥٦٢٦ و ٥٦٢٧ و ٥٦٢٨] (٢١٥٦)، و (البخاريّ) في "اللباس" (٥٩٢٤) و"الاستئذان" (٦٢٤١ و ٦٩٠١) وفي


(١) "الفتح" ١٤/ ١٦٣، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٤١).
(٢) "الفتح" ١٤/ ١٦٤، كتاب "الاستئذان" رقم (٦٢٤١).