للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (يُونُسُ) بن يزيد بن أبي النِّجاد الأمويّ مولاهم، أبو يزيد الأيليّ، ثقة ثبتٌ من كبار [٧] (ت ١٥٩) (ع) تقدم في "المقدمة" ٣/ ١٤.

والباقيان ذُكرا قبله.

وقوله: (يُرَجِّلُ بِهِ رَأْسَهُ)؛ أي: يسرّحه به، والترجيل تسريح الشعر، ومَشْطه.

وقوله: (لَوْ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَنْظُرُ طَعَنْتُ بِهِ فِي عَيْنِكَ) هكذا بالإفراد، وفي رواية عند البخاريّ: "في عينيك" بالتثنية، قال في "الفتح": وهذا مما يقوّي تعدد القصّة؛ لأنه في حديث أنس - رضي الله عنه - جزم بأنه اطّلع، وأراد أن يطعنه، وفي حديث سهل - رضي الله عنه - علّق طعنه على نَظَره. انتهى.

قال أبو العبّاس القرطبيّ رحمه الله: يمكن أن يُحْمَل حديث سهل، وأنس - رضي الله عنهما - على أن الذي همّ به النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من طعن الْمُطَّلع على الخصوص ببيت النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لعِظَم حرمته، وحرمة أهل بيته، غير أن حديث أبي هريرة رضي الله عنه يقتضي إباحة ذلك عامّة في بيته، وبيت غيره، فإنه قال فيه: "من اطّلَعَ في بيت قوم بغير إذنهم، فقد حلّ لهم أن يفقؤوا عينه"، فإذًا هذا الحكم ليس مخصوصًا به. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قرره القرطبيّ رحمه الله أخيرًا من عدم كونه مخصوصًا بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - هو الحقّ؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور، فإنه نصّ في ذلك، فتبصّر، والله تعالى أعلم.

وقوله: (إِنَّمَا جَعَلَ اللهُ الإِذْنَ مِنْ أَجْلِ الْبَصَرِ)؛ أي: إنما شَرع الله تعالى الاستئذان من أجل رؤية البصر، قال النوويّ رحمه الله: معناه: أن الاستئذان مشروعٌ، ومأمور به، وإنما جُعل لئلا يقع البصر على الحرام، فلا يحل لأحد أن ينظر في جُحْر باب، ولا غيره، مما هو مُتَعَرِّض فيه لوقوع بصره على امرأة أجنبية. انتهى (٢).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى تمام شرحه، وبيان مسائله في الحديث الماضي، ولله الحمد والمنّة.


(١) "المفهم" ٥/ ٤٨١.
(٢) "شرح النوويّ" ١٤/ ١٣٧.