مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام، كما في حديث المتهاجرين.
وأخرج البخاريّ في "الأدب المفرد" بسند صحيح من حديث جابر - رضي الله عنه - قال:"الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل"، ذَكَره عقب رواية ابن جريج، عن زياد بن سعد، عن ثابت، عن أبي هريرة بسنده المذكور، وعن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر وصرَّح فيه بالسماع.
وأخرج أبو عوانة، وابن حبان في "صحيحيهما"، والبزار من وجه آخر، عن ابن جريج الحديث بتمامه، مرفوعًا بالزيادة.
وأخرج الطبرانيّ بسند صحيح، عن الأغرّ المزنيّ:"قال لي أبو بكر: لا يسبقك أحد إلى السلام".
وأخرج الترمذيّ من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه -، رفعه:"إن أَولى الناس بالله من بدأ بالسلام"، وقال: حسن.
وأخرج الطبرانيّ من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه -: "قلنا: يا رسول الله، إنا نلتقي، فأينا يبدأ بالسلام؟ قال: أطوعكم لله"(١).
(وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ) هو أمر نسبيّ يَشمل الواحد بالنسبة للاثنين فصاعدًا، والاثنين بالنسبة للثلاثة فصاعدًا، وما فوق ذلك.
قال الماورديّ رحمه الله: لو دخل شخص مجلسًا، فإن كان الجمع قليلًا يعمّهم سلام واحد، فسلّم كفاه، فإن زاد، فخصص بعضهم فلا بأس، ويكفي أن يردّ منهم واحد، فإن زاد فلا بأس، وإن كانوا كثيرًا بحيث لا ينتشر فيهم، فيبتدئ أول دخوله إذا شاهدهم، وتتأدى سُنَّة السلام في حق جميع من يسمعه، ويجب على من سمعه الردّ على الكفاية، وإذا جلس سقط عنه سُنَّة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين، وهل يستحب أن يسلّم على من جلس عندهم ممن لم يسمعه وجهان:
أحدهما: إن عاد فلا بأس، وإلا فقد سقطت عنه سُنَّة السلام؛ لأنهم جَمْع واحد، وعلى هذا يسقط فرض الردّ بفعل بعضهم.
والثاني: أن سُنَّة السلام باقية في حقّ من لم يبلغهم سلامه المتقدم، فلا يسقط فرض الردّ من الأوائل عن الأواخر. انتهى.