وردّه واجب، فإن كان المسلِّم جماعة فهو سُنَّة كفاية في حقهم؛ إذا سلّم بعضهم حصلت سُنَّة السلام في حق جميعهم، فإن كان المسلَّم عليه واحدًا تعيَّن عليه الردّ، وإن كانوا جماعة كان الردّ فرض كفاية في حقهم، فإذا ردّ واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام، وأن يردّ الجميع.
وعن أبي يوسف أنه لا بدّ أن يرد الجميع، ونقل ابن عبد البرّ وغيره إجماع المسلمين على أن ابتداء السلام سُنَّة، وأن ردّه فرض.
وقال في "الأذكار": (اعلم): أن ابتداء السلام سُنَّة مستحبة، ليس بواجب، وهو سُنَّة على الكفاية، فإن كان المسلِّم جماعة، كفى عنهم تسليم واحد منهم، ولو سلَّموا كلهم كان أفضل.
قال الإمام القاضي حسين من أئمة أصحابنا في "كتاب السِّيَر" من تعليقه: ليس لنا سُنَّة على الكفاية إلا هذا.
قال النوويّ: وهذا الذي قاله القاضي من الحصر يُنكَر عليه، فإن أصحابنا -رحمهم الله- قالوا: تشميت العاطس سُنَّة على الكفاية.
قال الجامع عفا الله عنه: كون تشميت العاطس سُنَّة غير صحيح من الدليل؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - قال:"فعلى كلّ من سمعه أن يشمّته"، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يحب العطاس، ويكره التثاؤب، فإذا عطس فحمد الله، فحقّ على كل مسلم سمعه أن يشمّته".
فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حقّ على كلّ أحد … إلخ" ظاهر في الوجوب لا يقبل التأويل، فتأملّ، والله تعالى أعلم.
قال: وقال جماعة من أصحابنا بل كلهم: الأضحية سُنَّة على الكفاية في حق كل أهل بيت، فإذا ضحّى واحد منهم حصل الشِّعار والسُّنَّة لجميعهم.
وأما ردّ السلام، فإن كان المسلَّم عليه واحدًا تعيَّن عليه الردّ، وإن كانوا جماعة، كان ردّ السلام فرض كفاية عليهم، فإن ردّ واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلهم، أثموا كلهم، وإن ردّوا كلهم، فهو النهاية في الكمال والفضيلة، كذا قاله أصحابنا، وهو ظاهر حسن.