للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسلِّم لمن استجار به من جميع المخلوقات، ويقال في السَّلام: سِلْمٌ -بكسر السين- قال الشاعر [من الطويل]:

وَقَفْنَا فقُلنا إيهِ سِلْمًا فسلَّمَت … كَمَا انْكَلَّ بالبَرْقِ الغَمَامُ اللَّوائِحُ (١)

(المسألة الخامسة): لا ينبغي أن يقول المبتدئ: عليك السَّلام، لِنَهْي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فيما رواه النَّسائيّ، وأبو داود، من حديث جابر بن سُليم: قال: لقيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: عليك السَّلام يا رسول الله! فقال: "عليك السلام تحية الميت، السلام عليكم ثلاثًا"؛ أي: هكذا فقل، وقوله: "عليك السَّلام تحيَّة الْمَيِّت"؛ يعني: أنه الأكثر في عادة الشعراء، كما قال [من الطويل]:

عَلَيْكَ سَلَامُ اللهِ قَيْسَ بْنَ عَاصِمٍ … وَرَحْمَتُه مَا شَاءَ أن يَتَرحَّمَا

لا أن ذلك اللفظ هو المشروع في حقّ الموتى؛ لأنَّه - صلى الله عليه وسلم - قد سلَّم على الموتى، كما سلَّم على الأحياء، فقال: "السَّلام عليكم دار قومٍ مؤمنين"، رواه مسلم، ويتأكد تقديم لفظ السَّلام إذا تنزّلنا على أن السَّلام اسم من أسماء الله تعالى، فإنَّ أسماءه تعالى أحقُّ بالتقديم. وأما الرادُّ: فالواجب عليه أن يردَّ ما سمعه، والمندوب أن يزيد إن بقَّى له المبتدئ ما يزيد، فلو انتهى المبتدئ بالسلام إلى غايته؛ التي هي: السَّلام عليك ورحمة الله وبركاته لم يزد الرادُّ على ذلك شيئًا؛ لأنَّ السلام انتهى إلى البركة (٢)، كما قاله عبد الله بن عباس، وقد أنكر عبد الله بن عمر على من زاد على ذلك شيئًا.

وهذا كلُّه مستفادٌ من قوله تعالى: {وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} [النساء: ٨٦]؛ أي: يحاسب على الأقوال كما يحاسب على الأفعال. انتهى (٣).

(المسألة السادسة): قال النوويّ رحمه الله: (اعلم): أن ابتداء السلام سُنَّة،


(١) "المفهم" ٥/ ٤٨٤ - ٤٨٥.
(٢) صحح الشيخ الألبانيّ رحمه الله زيادة: "ومغفرته". راجع: "السلسلة الصحيحة" (٣/ ٤٣٣).
(٣) "المفهم" ٥/ ٤٨٥ - ٤٨٦.