قال: ودليله ما رويناه في مسند الدارميّ، وسنن أبي داود، والترمذيّ عن عمران بن الحصين - رضي الله عنهما - قال:"جاء رجل إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، فردّ عليه، ثم جلس، فقال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: عشر، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فردّ عليه، ثم جلس، فقال: عشرون، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فردّ عليه، فجلس، فقال: ثلاثون"، قال الترمذي: حديث حسن.
وفي رواية لأبي داود، من رواية معاذ بن أنس - رضي الله عنه -، زيادة على هذا، قال:"ثم أتى آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال: أربعون، وقال: هكذا تكون الفضائل".
قال: وروينا في "كتاب ابن السنيّ"، بإسناد ضعيف عن أنس - رضي الله عنه - قال:"كان رجل يمرّ بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم - يرعى دواب أصحابه، فيقول: السلام عليك يا رسول الله، فيقول له النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ومغفرته ورضوانه، فقيل: يا رسول الله: تسلِّم على هذا سلامًا ما تسلّمه على أحد من أصحابك؟ قال: وما يمنعني من ذلك وهو ينصرف بأجر بضعة عشر رجلًا؟ "(١).
ويكره أن يقول المبتدي: عليكم السلام، فإن قاله استحقّ الجواب على الصحيح المشهور، وقيل: لا يستحقه، وقد صحّ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا تقل: عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى"، والله أعلم.
وأما صفة الرد فالأفضل، والأكمل أن يقول:"وعليكم السلام، ورحمة الله، وبركاته" فيأتي بالواو، فلو حَذَفها جاز، وكان تاركًا للأفضل، ولو اقتصر على "وعليكم السلام"، أو على "عليكم السلام" أجزأه، ولو اقتصر على "عليكم" لم يُجْزه بلا خلاف، ولو قال:"وعليكم" بالواو ففي إجزائه وجهان للشافعيّة.
قالوا: وإذا قال المبتدي: سلام عليكم، أو السلام عليكم، فقال المجيب مثله: سلام عليك، أو السلام عليكم، كان جوابًا، وأجزأه، قال الله تعالى:{قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ}[هود: ٦٩]، ولكن بالألف واللام أفضل.