للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المدينة، فأقبل عليهم بوجهه، فقال: "السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر"، قال الترمذيّ: حديث حسن.

وفي "صحيح مسلم" عن بريدة - رضي الله عنه -، قال: كان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يعلِّمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون، أسأل الله لنا ولكم العافية".

وأخرجه النسائيّ، وابن ماجه هكذا، وزاد بعد قوله: "للاحقون": "أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع".

وأخرج ابن السنيّ، عن عائشة - رضي الله عنهما -، أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أتى البقيع، فقال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم لنا فرط، وإنا بكم لاحقون، اللهم لا تحرمنا أجرهم، ولا تضلّنا بعدهم" (١)، حديث حسن، والله تعالى أعلم.

(المسألة السابعة عشرة): قال النوويّ رحمه الله: من الأحوال التي يُكره فيها السلام أن يكون المسلم عليه مشتغلًا بالبول، أو الجماع، أو نحوهما، فيكره أن يسلَّم عليه، ولو سُلِّم لا يستحق جوابًا، ومن ذلك من كان نائمًا أو ناعسًا، ومن ذلك من كان مصليًا، أو مؤذنًا في حال أذانه، أو إقامته للصلاة، أو كان في حمام، أو نحو ذلك من الأمور التي لا يُؤثَر السلام عليه فيها، ومن ذلك إذا كان يأكل، واللقمة في فمه، فإن سلَّم عليه في هذه الأحوال لم يستحق جوابًا، أما إذا كان على الأكل، وليست اللقمة في فمه، فلا بأس بالسلام، ويجب الجواب، وكذلك في حال المبايعة، وسائر المعاملات يسلِّم، ويجب الجواب.

قال الجامع عفا الله عنه: يدلّ لكراهة السلام في حال البول، ونحوه ما أخرجه ابن ماجه، وغيره عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رجلًا مَرّ على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو يبول، فسلَّم عليه، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رأيتني على مثل هذه الحالة فلا تسلم عليّ، فإنك إن فعلت ذلك لم أردَّ عليك"، وهو حديث صحيح (٢).


(١) "الأذكار" ص ١٤٣.
(٢) راجع: "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألبانيّ رحمه الله ١/ ٣٨٠.