للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: وأما السلام في حال خطبة الجمعة، فقال أصحابنا -الشافعية-: يُكره الابتداء به؛ لأنهم مأمورون بالإنصات للخطبة، فإن خالف وسلَّم، فهل يُرَدّ عليه؟ فيه خلاف لأصحابنا، منهم من قال: لا يرد عليه؛ لتقصيره، ومنهم من قال: إن قلنا: إن الإنصات واجب لا يردّ عليه؛ وإن قلنا: إن الإنصات سُنَّة رَدَّ عليه واحد من الحاضرين، ولا يرد عليه أكثر من واحد على كل وجه.

قال: وأما السلام على المشتغل بقراءة القرآن، فقال الإمام أبو الحسن الواحديّ: الأولى ترك السلام عليه؛ لاشتغاله بالتلاوة، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن ردّ باللفظ استأنف الاستعاذة، ثم عاد إلى التلاوة، قال النوويّ: هذا كلام الواحديّ، وفيه نظر، والظاهر أن يسلم عليه، ويجب الرد باللفظ. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: قد أجاد النوويّ في تعقّبه على الواحديّ، فتنبّه.

قال: أما إذا كان مشتغلًا بالدعاء مستغرقًا فيه، مُجْمِع القلب عليه، فيَحْتَمِل أن يقال: هو كالمشتغل بالقراءة على ما ذكرناه، والأظهر عندي في هذا أنه يكره السلام عليه؛ لأنه يتنكد به، ويشقّ عليه أكثر من مشقة الأكل. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قاله النوويّ عجيب منه، فأين دليل الكراهة؟ بل هو مأمور بالردّ عليه كسائر الناس غير المستثنى؛ كمن يبول، ونحوه، فتبصّر، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

قال: وأما الملبِّي في الإحرام فيكره أن يُسَلَّم عليه؛ لأنه يُكره له قطع التلبية، فإن سُلِّم عليه ردَّ السلام باللفظ، نصّ عليه الشافعيّ وأصحابنا رحمهم الله.

قال الجامع عفا الله عنه: القول بكراهة السلام على الملبي مما لا دليل عليه، فتبصّر، وبالله تعالى التوفيق.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.