الصواب، وذلك أنه بحذفها يصير قولهم بعينه مردودًا عليهم، وبالواو يقع الاشتراك والدخول فيما قالوه. انتهى.
وقد رجع الخطابيّ عن ذلك، فقال في "الأعلام"(١) من شرح البخاريّ لمّا تكلم على حديث عائشة المذكور في "كتاب الأدب" من طريق ابن أبي مليكة عنها، نحو حديث الباب، وزاد في آخره:"أَوَلم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم، ولا يستجاب لهم فيّ"، قال الخطابيّ: ما مُلَخّصه: إن الداعي إذا دعا بشيء ظلمًا، فإن الله لا يستجيب له، ولا يجد دعاؤه محلًّا في المدعوّ عليه. انتهى.
وله شاهد من حديث جابر، قال:"سَلَّم ناس من اليهود على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: السام عليكم، قال: وعليكم، قالت عائشة -وَغَضِبَتْ-: ألم تسمع ما قالوا؟ قال: بلى، قد رددت عليهم، فنُجاب عليهم، ولا يجابون فينا"، أخرجه مسلم، والبخاريّ في "الأدب المفرد" من طريق ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابرًا.
قال الحافظ: وقد غَفَل عن هذه المراجعة من عائشة، وجواب النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لها مَن أنكر الرواية بالواو، وقد تجاسر بعض من أدركناه، فقال في الكلام على حديث أنس في هذا الباب: الرواية الصحيحة عن مالك بغير واو، وكذا رواه ابن عيينة، وهي أصوب من التي بالواو؛ لأنه بحذفها يرجع الكلام عليهم، وبإثباتها يقع الاشتراك. انتهى.
قال: وما أفهمه من تضعيف الرواية بالواو، وتخطئتها من حيث المعنى مردود عليه بما تقدم.
وقال النوويّ: الصواب أن حذف الواو وإثباتها ثابتان جائزان، وبإثباتها أجْوَد، ولا مفسدة فيه، وعليه أكثر الروايات، وفي معناها وجهان: أحدهما:
أنهم قالوا: عليكم الموت، فقال: وعليكم أيضًا؛ أي: نحن وأنتم فيه سواءٌ، كلنا نموت.